أسعار الدواجن تشتعل قبل موسم دخول المدارس

تشهد أسعار الفراخ البيضاء موجة صعود جديدة في بورصة الدواجن، أثارت حالة من الجدل والقلق بين المواطنين، خصوصًا مع اقتراب موسم دخول المدارس، وما يصاحبه من زيادة متوقعة في الطلب على اللحوم البيضاء كمصدر بروتين أساسي وبديل أقل تكلفة للحوم الحمراء.
هذا الارتفاع المفاجئ لم يأتِ من فراغ، بل جاء نتيجة تداخل عدة عوامل ضاغطة في مشهد السوق، على رأسها زيادة أسعار الأعلاف، وارتفاع تكاليف التشغيل داخل المزارع، ونقص المعروض في بعض المحافظات، ما تسبب في خلل واضح بين حجم الطلب والإنتاج الفعلي المتاح.
أسباب الارتفاع... أزمة إنتاجية ومناخية
تُشير مصادر مطلعة في قطاع الدواجن إلى أن السبب الرئيسي وراء قفزة الأسعار يعود إلى تراجع عدد دورات التربية خلال الأشهر الأخيرة، نتيجة عزوف عدد من المربين عن الدخول في دورات إنتاج جديدة، بسبب الخسائر المتكررة، وارتفاع تكلفة مدخلات الإنتاج.
إلى جانب ذلك، لعبت موجات الحرارة الشديدة التي ضربت البلاد دورًا إضافيًا في تفاقم الأزمة، حيث أثرت بشكل مباشر على معدلات نفوق الدواجن داخل المزارع، لا سيما في المناطق ذات الطقس الحار مثل الصعيد والدلتا. هذا الأمر أدى إلى انخفاض كميات الفراخ الجاهزة للذبح، وبالتالي تراجع المعروض في السوق.
مدخلات الإنتاج تحت ضغط... والمربون يلجأون للأسواق غير الرسمية
المربون لم يقفوا مكتوفي الأيدي، لكنهم وجدوا أنفسهم أمام تحديات ضخمة في تأمين مستلزمات التربية. فمع ارتفاع أسعار الأعلاف والأدوية البيطرية واللقاحات، اضطر عدد كبير منهم إلى اللجوء إلى الأسواق غير الرسمية للحصول على هذه المدخلات بأسعار أقل، رغم ضعف الجودة في بعض الحالات، ما زاد من نسب النفوق ورفع تكلفة الإنتاج النهائية.
هذا الواقع الاقتصادي يضع القطاع أمام معادلة معقدة: إما إنتاج مكلف بأسعار مرتفعة للمستهلك، أو غياب المنتج من الأساس بسبب انسحاب المربين من السوق.
المستهلك الحلقة الأضعف... والحكومة في موقف حرج
في النهاية، يبقى المواطن هو المتضرر الأول من هذا المشهد المضطرب. فمع دخول المدارس، وارتفاع تكاليف المستلزمات الدراسية، يجد المستهلك نفسه مضطرًا للتعامل مع زيادات غير مسبوقة في سلعة كانت تُعدّ من أرخص مصادر البروتين.
ويضع هذا الواقع الجهات الحكومية أمام مسؤولية عاجلة، لمراجعة آليات دعم صناعة الدواجن، وضبط الأسواق، وتوفير الأعلاف ومدخلات الإنتاج بأسعار مناسبة، للحفاظ على استقرار هذا القطاع الحيوي، وحماية المستهلك من مزيد من الضغوط المعيشية.