الأرض
الجمعة 22 أغسطس 2025 مـ 10:20 مـ 27 صفر 1447 هـ
موقع الأرض
رئيس مجلس الإدارةخالد سيفرئيس التحريرمحمود البرغوثيالمدير العاممحمد صبحي

خبراء يحذرون: الماء الملوث يقتل الثروة الحيوانية

  الماء الملوث يقتل الثروة الحيوانية
الماء الملوث يقتل الثروة الحيوانية

ركّز مربو المواشي في مختلف المناطق الريفية على توفير الأعلاف الجيدة وتطبيق الرعاية البيطرية الدورية، باعتبارها الركائز الأساسية في الحفاظ على صحة القطيع وتحقيق إنتاج وفير من الحليب واللحم. لكن، وسط هذه الجهود، ظل عامل جوهري يُتجاهل في كثير من الحالات، وهو جودة مياه الشرب المقدّمة للحيوانات.

فالماء لم يكن يومًا مجرّد تفصيلة بسيطة في إدارة المزارع، بل يمثل عنصر الحياة الأول في جسد الحيوان، ويلعب دورًا مباشرًا في عمليات الهضم، والامتصاص، وتنظيم حرارة الجسم، وحتى في جودة الإنتاج الحيواني. واليوم، يلفت المتخصصون الأنظار إلى هذا الجانب المهمل، محذرين من أن استمرار التهاون في هذا الملف قد يُفاقم من الخسائر الصحية والاقتصادية مستقبلاً، ما لم يتم التعامل معه كأولوية عاجلة.

الواقع الحالي: مياه غير صالحة تؤثر على صحة المواشي وإنتاجيتها

تواجه العديد من المزارع، لا سيما في المناطق الريفية محدودة الموارد، تحديات حقيقية في توفير مياه نظيفة وآمنة للماشية. البعض يعتمد على مصادر غير مراقبة مثل الآبار المكشوفة أو الخزانات غير المعقمة، ما يعرض الحيوانات لمخاطر صحية جسيمة.

وتؤكد دراسات بيطرية حديثة أن المياه الملوثة أصبحت واحدة من الأسباب الرئيسية لانتشار أمراض خطيرة بين الحيوانات، منها:

الإسهال المعدي، خاصة لدى العجول الصغيرة.

التسممات البكتيرية والطفيليات المعوية.

أمراض الكلى والجهاز البولي، التي تؤثر مباشرة على معدلات النمو والإنتاج.

هذه المشكلات لا تؤثر فقط على الحالة الصحية للقطيع، بل تنعكس أيضًا على الأداء الاقتصادي للمزرعة، من خلال انخفاض الإنتاج وزيادة نفقات العلاج والنفوق.

معايير المياه الصحية للمواشي: ماذا يجب أن يتحقق؟

لضمان تقديم مياه شرب صحية وآمنة للمواشي، يجب الالتزام بالمعايير التالية:

1. النقاء وخلو الماء من الملوثات
يجب أن تكون المياه المقدمة نقية، عديمة اللون والطعم والرائحة. وجود أي رائحة غريبة أو طعم غير معتاد قد يدفع الحيوان إلى رفض الشرب، ما يؤدي إلى جفاف وتدهور صحي سريع.

2. خالية من الشوائب والرواسب
المياه التي تحتوي على طين، رمال أو طحالب قد تسبب انسدادات معوية واضطرابات هضمية، خاصة لدى صغار الحيوانات، وهو ما يشكل خطرًا كبيرًا على حياتها.

3. درجة حرارة معتدلة
ينبغي أن تكون المياه معتدلة الحرارة طوال العام. الماء البارد جدًا في الشتاء قد يؤدي إلى تقلصات معوية، في حين أن الماء الساخن صيفًا يقلل من شهية الحيوان ويؤثر سلبًا على الإنتاج.

رسالة الماضي للحاضر: ما أُهمل بالأمس يجب أن يُعالج اليوم

لقد أثبتت التجربة أن توفير مياه نظيفة بشكل يومي ليس رفاهية، بل ضرورة إنقاذية تؤثر على كل من صحة الحيوان واقتصاد المزرعة. وبحسب خبراء الإنتاج الحيواني، فإن البقرة الحلوب الواحدة تستهلك ما بين 40 إلى 80 لترًا من الماء يوميًا، وأي نقص أو تلوث في هذه الكمية يؤثر فوريًا على مستوى إنتاج الحليب.

وفي هذا السياق، تنظيف المشارب والأحواض يوميًا، والتأكد من سلامة خطوط المياه، وإجراء فحوص دورية للخزانات والآبار، أصبح من أبجديات إدارة أي مزرعة ناجحة.

نظرة إلى المستقبل: المياه النظيفة استثمار في الأمن الغذائي

في ظل التحديات المتزايدة التي يواجهها قطاع الثروة الحيوانية، ومع السعي لتحقيق أمن غذائي مستدام، لم يعد الحديث عن المياه الصحية رفاهية علمية، بل هو توجه استراتيجي مطلوب في كل خطة تنموية.

الاهتمام بجودة مياه الشرب يُترجم مباشرة إلى قطيع أكثر صحة، وإنتاجية أعلى، وتكلفة أقل في العلاج والرعاية. والمستقبل لن يتسامح مع الإهمال في هذا الجانب، خصوصًا مع تصاعد الضغوط البيئية والمناخية التي قد تُضاعف من أهمية المياه الآمنة كعامل استقرار للإنتاج الحيواني.