الجيزة تتصدر إنتاج التمور عالميًا.. والمرازيق نموذج للقرية المنتجة

أنتجت قرية المرازيق بمركز البدرشين في محافظة الجيزة موسم حصاد تمور يعكس دورة حياة اقتصادية واجتماعية وصناعية متكاملة، تتجاوز كونه مجرد نشاط زراعي إلى عمل استراتيجي يدعم الأمن الغذائي ويجسد أصالة الريف المصري.
تحتل مصر المرتبة الأولى عالميًا في إنتاج التمور بمتوسط سنوي يقارب 1.8 مليون طن، تمثل محافظة الجيزة نسبة كبيرة منه، حيث يضم مركز البدرشين وحده أكثر من مليون نخلة تنتج بين 100 و120 كيلوجرامًا من التمر سنويًا لكل نخلة. هذا الإنتاج الضخم يجعل للجيزة دورًا محوريًا في سوق التمور المصري.
يبدأ العمل في المرازيق مبكرًا، من صعود النخيل لجمع الثمار مرورًا بفرزها وتصنيفها حسب الجودة، حتى التعبئة، وهو ما يعتمد بشكل كبير على الأيدي العاملة المحلية، موفرًا مصدر دخل مستدامًا للعديد من الأسر. وتأتي إحصائيات رسمية تؤكد أن إنتاج الجيزة وصل إلى 262.1 ألف طن من التمور في الموسم الأخير، من إجمالي الإنتاج المصري البالغ 1.8 مليون طن.
يمتد تأثير موسم التمور ليشمل بعدًا اقتصاديًا واسعًا، إذ تسهم صادرات التمور المصرية بأكثر من 60 ألف طن سنويًا في تحقيق عائدات تقدر بعشرات الملايين من الدولارات، مع الأسواق الرئيسية في الدول العربية والأفريقية، وسط جهود مستمرة لفتح أسواق جديدة في أوروبا وآسيا.
صناعيًا، شهد قطاع التمور في مصر تطورًا ملحوظًا مع إدخال تقنيات حديثة للفرز والتعبئة، إلى جانب إنشاء مجمعات صناعية متخصصة في الوادي الجديد والواحات البحرية. كما تتجه الدولة نحو تصنيع منتجات ثانوية مثل عجوة التمر ودبس التمر وأعلاف النوى، ما يوسع فرص الصناعات الغذائية ويعزز الصادرات.
يمثل موسم التمور مناسبة اجتماعية تجمع مختلف فئات المجتمع في المرازيق، من رجال ونساء وشباب، مما يعزز التضامن والتكاتف ويقلل من البطالة الموسمية عبر توفير آلاف فرص العمل المؤقتة، ليكون مصدر دخل إضافي يدعم استقرار الأسر.
بيئيًا، يبرز نخيل التمر كعنصر مقاوم للظروف المناخية القاسية، ويساهم في مواجهة التصحر واستصلاح الأراضي الجديدة. كما تستغل مخلفات النخيل في صناعات الأخشاب المضغوطة وأعلاف الحيوانات، مما يدعم الاستدامة البيئية ويقلل الفاقد.
يرى خبراء الزراعة أن توسيع زراعة التمور وتطوير سلاسل القيمة المرتبطة بها تمثل فرصة استراتيجية لمصر لتعزيز صادراتها الزراعية وتحقيق تنافسية عالمية.
ويطالب منتجو المرازيق بدعم أكبر من الدولة عبر التدريب والتسويق والاستثمار في التصنيع لزيادة القيمة المضافة.
موسم التمور في المرازيق ليس مجرد موسم زراعي عادي، بل قصة نجاح متكاملة تعكس التداخل بين الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والصناعية والبيئية، وتجسد نموذج القرية المصرية التي تساهم جهود أبنائها في تعزيز الاقتصاد الوطني ودعم الأمن الغذائي.











