اتفاق تجاري ضخم يعيد رسم العلاقات الاقتصادية بين أمريكا وأوروبا

أبرمت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في 21 أغسطس 2025 اتفاقية تجارية شاملة وُصفت بأنها تاريخية، بعد مفاوضات مطولة بين الجانبين. الاتفاقية تعيد صياغة قواعد التجارة عبر الأطلسي، إذ فرضت واشنطن تعريفة جمركية بنسبة 15% على غالبية السلع الأوروبية، بما في ذلك السيارات والأدوية وأشباه الموصلات والأخشاب، بينما ألغى الاتحاد الأوروبي الرسوم على السلع الصناعية الأمريكية وفتح أسواقه أمام المنتجات الزراعية والمأكولات البحرية القادمة من الولايات المتحدة بشروط تفضيلية.
الشق الزراعي من الاتفاقية يعد نقطة تحول لمنتجي الحبوب واللحوم ومنتجات الألبان والمأكولات البحرية الأمريكيين الذين يحصلون على فرص أوسع للوصول إلى الأسواق الأوروبية. لكن هذه الخطوة قد تضع المنتجين الأوروبيين أمام تحديات صعبة بسبب الرسوم الجديدة التي فرضتها واشنطن، ما قد يدفع القطاع الزراعي الأوروبي إلى تحديث بنيته وتبني استراتيجيات جديدة لمواجهة المنافسة.
الطاقة كانت ركيزة أساسية أخرى في الاتفاقية. فقد التزم الاتحاد الأوروبي بشراء ما قيمته 750 مليار دولار من الغاز الطبيعي المسال والنفط والمنتجات النووية الأمريكية، إلى جانب استثمار 600 مليار دولار في الصناعات الاستراتيجية الأمريكية بحلول 2028. كما شملت الاتفاقية ترتيبات لحماية أسواق الصلب والألمنيوم وتوسيع التعاون في مجالات التجارة الرقمية.
أما قطاع السيارات، فخرج مستفيدا بدوره، بعد أن وافقت الولايات المتحدة على خفض الرسوم الجمركية من 27.5% إلى 15% فور إقرار الاتحاد الأوروبي خفضا مماثلا على السلع الصناعية الأمريكية. هذا البند يفتح الباب واسعا أمام شركات صناعة السيارات الأوروبية، خصوصا الألمانية، لتجنب خسائر بمليارات الدولارات. كما سيسهل الاعتراف المتبادل بالمعايير بين الطرفين تدفق التجارة في هذا القطاع الحيوي.
الاتفاقية لا تقتصر على إعادة تنشيط التجارة عبر الأطلسي، بل تحمل أبعادا استراتيجية أوسع، إذ تعزز الأمن الاقتصادي وسلاسل التوريد المرنة، مع ترك الباب مفتوحا أمام توسيع نطاقها مستقبلا لتشمل قطاعات جديدة مثل التجارة الرقمية وصناعة النبيذ. ورغم المخاوف التي تبديها بعض الشركات الأوروبية من اختلال التوازن التجاري، إلا أن الاتفاق يمثل خطوة كبرى نحو شراكة اقتصادية أعمق بين القوتين الاقتصاديتين الأكبر في العالم.