الخميس 25 أبريل 2024 مـ 12:17 مـ 16 شوال 1445 هـ
موقع الأرض
رئيس مجلس الإدارةخالد سيفرئيس التحريرمحمود البرغوثيالمدير العاممحمد صبحي

تجربتي في تسميد الموالح والخضر

مع الارتفاع الجنوني في أسعار مدخلات الإنتاج الزراعي، للدرجة التي تهدد بهجر الزراعة، وزيادة الفجوة الغذائية في مصر بين ما ننتجه، وما نستهلكه، فنضطر للاستيراد بالعملة الصعبة، وجب التفكر في تغيير ثقافتنا الزراعية، والاستفادة من العلوم والخبرات في تغيير الخريطة السمادية للتربة المصرية.

وقد لاحظت منذ قديم الأزل أن المزارع المصري لا يعتمد إلا على اليوريا أو النترات، أو الأسمدة المعدنية الأحادية في تسميد الأرض القديمة، في الوادي والدلتا، ولم تدخل الأسمدة المركبة إلا بعد غزو الصحراء، وهنا سوف أستعرض تجربتي في توفير تكاليف التغذية النباتية، مع تحقيق أعلى عائد من وحدتي الأرض والمياه، سواء في تغذية أشجار الموالح، أو الجوافة، وحتى محاصيل الخضر المخلتفة (طماطم، خس، فلفل، وباذنجان)، وأيضا المحاصيل الاستراتيجية مثل: الذرة الشامية والبرسيم، مع التنويه إلى أن ذلك يحدث في الأراضي الطينية.

كنتُ قد سمعت كثيرا عن أسمدة حيوية سائلة يروجها باحثون في كليات ومعاهد علمية (جامعية أو بحثية)، وجربت منها الكثير دون جدوى، حيث كانت تركز على كائنات حية دقيقة مفيدة، لكننا لا نجيد تخزينها، أو استخدامها، كما لا نعرف طبيعتها، ولا البيئة المناسبة لتكاثرها في التربة، وبالتالي فشلنا في استثمار إضافتها للتربة بهدف تنمية الناتج الزراعي، كوننا نستخدم الأحماض "على العمال والبطّال".

ومع تقدم عمليات البحث عن البدائل في مجال التسميد العضوي أو الحيوي، وصلت إلى ما يعرف باسم الـ CMS، أو مخلفات صناعة الخميرة من مولاس القصب والبنجر (يطلق البعض عليه اسم الفيناس)، وبعد تجارب عديدة معه بين سالبة وموجبة، توصلتُ إلى توليف خلطة منه مع العناصر الصغرى المخلبية (حديد 6% إدها، زنك مخلبي، ومنجنيز مخلبي)، إضافة إلى السماد المركب المتوازن 19 ـ 19 ـ 19، وحقنه في السمادة بمعدل 5 مرات سنوات لأشجار الموالح والجوافة في الأرض الطينية.

لم ينته برنامج التسميد عند هذا الحد، بل كنت ألجأ إلى إضافة 5 كجم عالي الفوسفور في الشهر الذي يسبق طور التزهير مباشرة، ثم 5 كجم عالي البوتاسيوم ـ بمعدل جرعتين بعد العقد الثمري مباشرة، إضافة إلى ما تتطلبه الأشجار من سماد ورقي في حالة ظهور أي نقص لأحد العناصر الصغرى أو الكبرى.

وبعد رصد النتائج عاما بعد عام، حصلتُ على نتائج ربما لا يصدقها مزارع آخر، حيث بلغت تكلفة البرنامج السمادي كاملا 50% من البرنامج التقليدي الذي يتكلفه غيري، كما أن النتيجة المحصولية قد تزيد على إنتاجية الأراضي المجاورة التي تسرف في برنامج التسميد التقليدي حتى الآن.
يكفي أن أشير هنا إلى تجربة لزراعة الذرة الشامية، من شركة "بايونير"، حيث استخدمت البرنامج السمادي الخاص بي مع هذا المحصول، ونجحت في حصاد 6.7 طن حبوب ذرة للفدان، برطوبة لم تزد على 12.7%، وأحتفظ بشهادة التحليل في معامل "كومي بصل" في مدينة الإسكندرية، وأحمد الله إذ نجحت في بيع طن الذرة لأحد مصانع الأعلاف الحيوانية بسعر 10 آلاف جنيه للطن.

ما وددت أن أذكِّر به المزارعين من تجربتي، هو ضرورة التفكّر في إعادة ترتيب أوراقنا، والبحث عن طرق جديدة لتغيير ثقافتنا الزراعية، مع الإيمان بضرورة تغيير الخريطة السمادية التي عجزت وزارة الزراعة في تنفيذها، حيث نلاحظ أن المقنن السمادي لفدان الذرة في الصعيد، هو ذات المقنن في الدلتا، بصرف النظر نوع التربة، وطبيعة الأجواء والأصناف المنزرعة.

الخلاصة: الاهتمام بالسماد العضوي يجنبك الإسراف المالي في برامج التسميد الكيماوي، ويحقن خسائر مالية كبيرة، حيث لا يربح المزارع حاليا إلا من ضغط تكاليف الإنتاج، في ظل ارتفاع أسعار المدخلات، وثبات أسعار بيع الحاصلات الزراعية.

.......................

* مزراع ومصدر حاصلات بستانية