المعمل المركزي يكشف أسباب فشل المحاصيل رغم كثرة التسميد
أكد الدكتور محمد عبد ربه، مدير المعمل المركزي للمناخ الزراعي، أن عملية التسميد تمثل أحد أهم العناصر الأساسية في نجاح المنظومة الزراعية وتحقيق إنتاج وفير ذي جودة عالية، موضحًا أن الهدف من التسميد هو تزويد النبات بالعناصر الغذائية الضرورية التي تمكّنه من النمو السليم وإنتاج محصول يغطي التكلفة ويوفر ربحًا جيدًا للمزارع.
وأشار عبد ربه إلى أن بعض الممارسات الزراعية الخاطئة قد تؤدي إلى نتائج عكسية رغم الاهتمام بعمليات التسميد، خصوصًا في ظل وجود ملوحة مرتفعة في التربة أو مياه الري أو غياب نظام صرف زراعي فعّال، مما يقلل من كفاءة امتصاص العناصر الغذائية ويؤثر على كمية وجودة المحصول.
أخطاء شائعة في الري تؤثر على الاستفادة من التسميد
وأوضح مدير المعمل المركزي للمناخ أن من أبرز أسباب ضعف المحصول رغم التسميد هو سوء إدارة مياه الري، سواء بتعريض النباتات للعطش أو الغرق، وهو ما يؤدي إلى غسيل الأسمدة وفقدها أو إلى إجهاد النبات بسبب انخفاض المحتوى الرطوبي في التربة.
وشدّد على أهمية الالتزام بمعدلات الري المناسبة لكل نوع من المحاصيل وفقًا لاحتياجاتها وخصائص التربة لضمان الاستفادة القصوى من العناصر المضافة.
التوازن في الأسمدة أساس النجاح
وأضاف عبد ربه أن الخطأ الشائع الآخر يتمثل في الإفراط في استخدام الأسمدة النيتروجينية على حساب العناصر الأخرى مثل الفوسفور والبوتاسيوم، الأمر الذي يؤدي إلى زيادة النمو الخضري على حساب كمية وجودة المحصول.
وأكد ضرورة اتباع برامج تسميد متوازنة تراعي احتياجات النبات في كل مرحلة نمو، مشيرًا إلى أن العزيق أو الشقرفة من العمليات الضرورية التي تحسّن من تهوية الجذور وتزيد قدرتها على امتصاص العناصر الغذائية، خاصة في المحاصيل الدرنية والبصلية.
الظروف المناخية والملوحة من أبرز التحديات
ونوه عبد ربه إلى أن تعرض النباتات لظروف مناخية حادة خلال مراحل النمو الحرجة مثل الإزهار أو العقد، قد يؤدي إلى انخفاض الإنتاج رغم التسميد الجيد.
ولذلك، أوصى بضرورة توفير مصدات رياح أو استخدام الرش الوقائي بالمركبات الحيوية التي تساعد النباتات على مقاومة الإجهاد الحراري والبرودة.
كما شدّد على أهمية تحليل التربة بانتظام للكشف عن مستوى الملوحة وتركيز العناصر الغذائية، موضحًا أن الأراضي ذات الملوحة العالية لا يمكن أن تنتج بنفس كفاءة الأراضي العادية، مما يستلزم تعديل كميات ونوعيات الأسمدة المضافة.
تأثير نوعية الأسمدة على امتصاص العناصر
وأوضح مدير المعمل أن زيادة الضغط الأسموزي في التربة يؤثر سلبًا على امتصاص العناصر، ويمكن الحد من ذلك باستخدام أسمدة نيتروجينية ذات دليل ملحي منخفض.
وأضاف أن إضافة النيتروجين في صورة نترات قد تساعد في تحسين نمو النبات إذا كان تركيز أيون الكلوريد منخفضًا، بينما ارتفاع نسبة الكلوريد يؤدي إلى تنافس أيوني يمنع امتصاص النترات ويضر بالنبات.
ولفت أيضًا إلى أن الأسمدة الفوسفاتية تُعطي نتائج إيجابية في حالة الملوحة المتوسطة، لكنها تصبح ضارة في حالة الملوحة العالية، بينما يُعد التسميد البوتاسي المعتدل ضروريًا لتحسين تكوين البروتين وزيادة الاستفادة من النيتروجين دون الإضرار بالتوازن الأيوني للتربة.
الاهتمام بالتوقيت والرش الورقي
وأكد عبد ربه على أهمية الرش الورقي بالأسمدة في بعض الحالات، شريطة الالتزام بالتركيزات الموصى بها والظروف الجوية المناسبة أثناء عملية الرش، لضمان امتصاص فعال للعناصر وعدم حدوث أضرار للنباتات.
كما شدّد على أن نجاح التسميد لا يتوقف على نوع السماد فقط، بل على تكامل جميع الممارسات الزراعية من مواعيد الزراعة والتقليم ومكافحة الآفات إلى الصرف الجيد ومراقبة المياه الأرضية.
نحو إدارة متكاملة للتسميد في ظل التغيرات المناخية
واختتم مدير المعمل المركزي للمناخ تصريحاته بالتأكيد على ضرورة اتباع نهج علمي متكامل في إدارة التسميد الزراعي يأخذ في الاعتبار التغيرات المناخية، نوع التربة، وجودة المياه، مشيرًا إلى أن الإدارة المتوازنة للأسمدة تضمن استدامة الإنتاج وتحقيق الأمن الغذائي وتحسين دخل المزارعين في الوقت نفسه.


.jpg)























