سوسة النخيل الحمراء: خطر صامت يهدد ثروة التمور
تُعد سوسة النخيل الحمراء واحدة من أخطر الآفات التي تهدد إنتاج النخيل على مستوى العالم، إذ تتحرك هذه الحشرة في صمت داخل جذوع الأشجار دون أن تُظهر أي علامات في مراحل الإصابة الأولى، لتستحق بالفعل وصف "العدو الخفي" الذي يهدد إنتاج التمور ويُكبّد المزارعين خسائر قد تكون فادحة.
6 حقائق تكشف خطورة سوسة النخيل الحمراء
قال المهندس طه اللقاني، خبير تكنولوجيا الصوب والزراعة الحديثة والاقتصاد الزراعي، إن انتشار السوسة يعود إلى تداخل عوامل بشرية وزراعية وبيولوجية، ما يجعل السيطرة عليها تحدياً كبيراً للدول المنتجة للتمور.
وأوضح أن العامل البشري يمثل المحرك الأول لانتقال الإصابة، إذ يؤدي نقل الفسائل المصابة دون الالتزام بإجراءات الحجر الزراعي إلى انتشار الآفة لمسافات بعيدة، بينما يسمح الفحص غير الدقيق بمرور البيض واليرقات المختبئة داخل الجذع دون ملاحظة.
سوسة النخيل الحمراء تهدد النخيل بشدة
تمتلك السوسة قدرات فسيولوجية فائقة تمكنها من التوسع السريع في بساتين النخيل، فهي قادرة على الطيران لمسافة تتراوح بين 1 و7 كيلومترات أو أكثر في ظروف معينة، كما يفرز الذكر فرمونات قوية تجذب مزيداً من الحشرات إلى نفس النخلة، ما يجعلها بؤرة عدوى سريعة الانتشار. وتتميز الأنثى بخصوبة عالية تصل إلى 200–300 بيضة، وهو رقم كفيل بإحداث إصابة كارثية من دخول أنثى واحدة فقط.
وتكمن خطورة السوسة في قضائها معظم دورة حياتها داخل جذع النخلة، ما يؤخر ظهور العلامات الخارجية حتى تصل الإصابة إلى مستويات متقدمة يصعب علاجها.
ممارسات زراعية تزيد انتشار السوسة
حذّر اللقاني من أن بعض الأخطاء اليومية للمزارعين تساهم في انتشار الإصابة، وعلى رأسها الجروح الناتجة عن التكريب والتقليم، حيث تجذب العصارة المنبعثة من هذه الجروح السوسة من مسافات بعيدة، خاصة عند عدم تعفير أماكن القطع بالمبيدات. كما يؤدي عدم انتظام الري والاعتماد على الري بالغمر إلى زيادة الرطوبة حول قاعدة النخلة، مما يجعل الأنسجة أكثر عرضة للاختراق ووضع البيض.
وأشار إلى أن ترك النخيل الميت أو المصاب داخل المزرعة من دون حرق أو دفن يحوله إلى بؤرة تفرخ أجيالاً جديدة من الحشرة، وهو خطأ يضاعف فرص انتشار الإصابة في باقي الأشجار.
البيئة المثالية لنشاط السوسة
تلعب الظروف المناخية دوراً محفزاً لانتشار السوسة، فهي تنشط بشدة عند درجات الحرارة المتراوحة بين 25 و35 درجة مئوية، وهي الدرجات السائدة في أغلب مناطق زراعة النخيل في الوطن العربي. وتفضل السوسة مهاجمة النخيل الصغير والمتوسط الذي يقل عمره عن 20 عاماً، لسهولة اختراق جذوعه الغضة مقارنة بالأشجار الأكبر سناً.
الكشف المبكر… خط الدفاع الأول
شدّد اللقاني على أن الكشف المبكر هو الوسيلة الأكثر فعالية لوقف انتشار الآفة، محذراً من أن التأخر في ملاحظة الأعراض الأولية مثل سيلان العصارة البنية، موت القمة النامية، الروائح الكريهة، أو سماع صوت فراغ عند الطرق على جذع النخلة، يعزز فرص خروج جيل جديد من الحشرة وانتقاله للأشجار المجاورة. وكل يوم تأخير يزيد من صعوبة السيطرة، ويرفع حجم الخسائر المحتملة.


.jpg)























