”المبيدات الضوئية الخضراء”.. ابتكار مصري يحدث ثورة صديقة للبيئة في الزراعة
كشف مركز البحوث الزراعية عن ابتكار علمي جديد يُعد نقطة تحوّل في مجال مكافحة الآفات الزراعية، يتمثل في "المبيدات الزراعية الضوئية الخضراء"، والتي تمثل طفرة تكنولوجية قائمة على كيمياء الليزر، ما يمنحها مزايا بيئية وصحية غير مسبوقة مقارنةً بالمبيدات التقليدية.
بديل آمن يحمي البيئة ويعزز الإنتاج
أكد الدكتور عادل عبد العظيم، رئيس مركز البحوث الزراعية، أن هذه التقنية تمثل تطورًا رائدًا في منظومة الزراعة المستدامة، حيث تعتمد على تكنولوجيا متطورة تستهدف الآفات بدقة، دون الإضرار بالكائنات النافعة أو البيئة المحيطة.
وأوضح أن المبيدات الضوئية الخضراء لا تلوث التربة أو المياه ولا تترك بقايا سامة، ما يسهم في إنتاج غذاء آمن ورفع جودة المحاصيل الزراعية.
وأشار عبد العظيم إلى أن المركز يسعى حثيثًا لتطوير هذه التقنيات من خلال دعم البحث العلمي وتبادل الخبرات الدولية، موضحًا أن هناك خطوات فعلية نحو إنشاء مركز إقليمي في مصر بالتعاون مع مركز دراسات البحر المتوسط للدراسات الزراعية المتقدمة (سيام)، بهدف تعزيز البحث والابتكار في التقنيات الزراعية الحديثة.
رؤية علمية متكاملة
من جانبه، أشار الدكتور محمود هاشم عبد القادر، مؤسس مجلس أمناء الجامعة الأوروبية بالعاصمة الإدارية، وأستاذ علوم الليزر بجامعة القاهرة، إلى أن المبيدات الضوئية الخضراء توفر حماية متكاملة للنبات والإنسان والبيئة، بفضل اعتمادها على أساليب غير تقليدية قائمة على الطيف الضوئي، ما يمنحها قدرة فائقة على استهداف الآفات دون أن تمس النحل أو الكائنات المفيدة الأخرى.
وأضاف أن هذا الابتكار يدعم الصحة العامة عبر تقليل مخاطر التعرض للمواد الكيميائية السامة، كما يعزز القدرة التنافسية للمنتجات الزراعية المصرية في الأسواق العالمية من خلال تحسين جودة وسلامة المحاصيل.
دعم الابتكار من أجل الأمن الغذائي
في السياق ذاته، شدد الدكتور علي إسماعيل، أستاذ الأراضي والمياه بمركز البحوث الزراعية، على أهمية البحث العلمي في مواجهة التحديات الزراعية المعاصرة، وخاصة في ظل التأثيرات المتسارعة للتغيرات المناخي.
ولفت إلى أن تبني تقنيات مثل المبيدات الضوئية الخضراء يعد خطوة استراتيجية نحو تحقيق زراعة مستدامة تعزز الإنتاج وتحافظ على البيئة وصحة الإنسان في آنٍ واحد.
وأكد إسماعيل التزام المركز بدعم الباحثين وتهيئة بيئة علمية متطورة تسهم في تطوير حلول واقعية وقابلة للتطبيق لمشكلات الزراعة المصرية، مشيرًا إلى أن الابتكار العلمي هو السبيل الوحيد لبناء قطاع زراعي قوي قادر على مواجهة الأزمات العالمية.
تعاون عربي لتعزيز النهضة الزراعية
وفي إطار التعاون الإقليمي، أشاد الدكتور نصر الدين العبيد، المدير العام للمركز العربي لدراسات المناطق الجافة والقاحلة (أكساد)، بالدور الريادي لمصر في دعم التنمية الزراعية، منوهًا بجهود الدولة بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي في تحقيق نهضة زراعية شاملة تُعد صمام أمان للأمن الغذائي العربي.
وأكد أن "أكساد"، بالتعاون مع المنظمة العربية للتنمية الزراعية، يعمل على دعم مشروعات التنمية الزراعية في مصر، وفتح آفاق أوسع لتطبيق الابتكارات الزراعية الحديثة في المناطق الجافة والقاحلة.
المنتدى السابع.. منصة علمية لدفع الابتكار الزراعي
وقد نظّم مركز البحوث الزراعية المنتدى السابع تحت عنوان "الابتكار المصري.. المبيدات الزراعية الضوئية الخضراء"، برعاية وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، حيث جرى استعراض الجوانب التقنية والعلمية للمبيدات الضوئية، وخرج المنتدى بمجموعة من التوصيات المهمة لتعزيز تبني هذه التقنية محليًا ودوليًا.
أبرز التوصيات:
توسيع نطاق البحث العلمي: من خلال إجراء مزيد من الدراسات لتقييم فعالية المبيدات الضوئية الخضراء وسلامتها على مختلف المحاصيل الزراعية والأنظمة البيئية.
تعزيز التعاون الدولي: عبر توقيع شراكات مع جامعات أوروبية ومراكز بحثية عالمية، وتنفيذ بروتوكولات عمل مشتركة.
تنفيذ تجارب ميدانية موسعة: بالتعاون مع منظمات إقليمية مثل أكساد والمنظمة العربية للتنمية الزراعية لتطبيق الابتكار في بيئات زراعية متنوعة وتقييم نتائجه على الأرض.
إنشاء كلية زراعة متخصصة: ضمن الجامعة الأوروبية الزراعية بمصر، تركز على الابتكارات الزراعية الحديثة بالشراكة مع مركز البحوث الزراعية.
رفع الوعي لدى المزارعين: من خلال ورش عمل ودورات تدريبية لتعريفهم بفوائد هذه المبيدات وطرق استخدامها بكفاءة، بهدف تقليل الاعتماد على الكيماويات.
دعم السياسات الزراعية: عبر التواصل مع صُنّاع القرار لتبني سياسات تحفّز استخدام المبيدات الضوئية، وتقديم حوافز للمزارعين لاعتماد الزراعة النظيفة.
نحو مستقبل زراعي أكثر استدامة
يمثل الابتكار في مجال المبيدات الزراعية الضوئية الخضراء نقلة نوعية في مسار الزراعة المصرية، حيث يجمع بين التطور العلمي والحفاظ على البيئة وجودة الغذاء. ومن شأن هذا التوجه أن يُعزز الأمن الغذائي الوطني، ويفتح آفاقًا جديدة أمام الصادرات الزراعية المصرية، في ظل سوق عالمية تزداد فيها المطالب بمنتجات صحية ومستدامة.
وفي ظل التحديات البيئية والاقتصادية العالمية، تبقى البحث العلمي والتكنولوجيا والابتكار هي الركائز الحقيقية التي يُبنى عليها مستقبل الزراعة في مصر والمنطقة.
