الأرض
الثلاثاء 8 يوليو 2025 مـ 03:41 مـ 12 محرّم 1447 هـ
موقع الأرض
رئيس مجلس الإدارةخالد سيفرئيس التحريرمحمود البرغوثيالمدير العاممحمد صبحي

العسل في خطر.. والنجاة في الإجراءات السريعة

خلال ارتفاع درجات الحرارة التي تجتاح مناطق واسعة من الجمهورية، تجد صناعة تربية نحل العسل نفسها في مواجهة مباشرة مع تقلبات المناخ القاسية، التي باتت تشكل تهديدًا حقيقيًا للطوائف، وتضعف من إنتاجية العسل إن لم تُتخذ إجراءات عاجلة ومُحكمة لحماية المناحل.

وتمتلك مصر اليوم قرابة مليوني خلية نحل، وتحتل موقعًا متقدمًا في تصدير طرود النحل، وتسعى بخطى ثابتة إلى التوسع في صادرات العسل المصري، مستفيدة من جودته العالية وسمعته العالمية. غير أن هذه الخطط الطموحة تصطدم بتحديات مناخية تتطلب استجابة سريعة وفعالة.

الحرارة تسرق طاقة النحل.. ومناشدة للحذر

وأوضح معهد وقاية النباتات، أن ارتفاع درجات الحرارة خلال الصيف، خاصة عندما تتجاوز حاجز الـ40 درجة مئوية، يؤدي إلى إجهاد حراري شديد لطوائف النحل، خاصة تلك الموضوعة تحت أشعة الشمس المباشرة، ما ينعكس سلبًا على بقائها وإنتاجها.

وأشار المعهد إلى أن النحل تحت هذا الضغط المناخي يُظهر علامات تعب واضحة، وقد يصل الأمر إلى فقدان أعداد كبيرة منه، مما يتطلب تدخلًا فوريًا بتدابير احترازية وبيئية لتقليل هذا الضرر.

إجراءات عاجلة لحماية المناحل من موجات الحر

ولمواجهة هذا التحدي، قدم المعهد جملة من التوصيات العملية التي يجب على مربي النحل اتباعها لضمان سلامة الخلايا واستمرار الإنتاج خلال أشهر الصيف:

ضرورة تظليل مواقع الخلايا، خصوصًا في فترة الظهيرة، لحمايتها من الإشعاع المباشر.

استخدام خلايا معزولة حراريًا أو أغطية تحتوي على مواد عاكسة لأشعة الشمس.

توفير مصادر مياه نظيفة وباردة بالقرب من المناحل لضمان الترطيب المستمر للنحل.

توسيع المسافات بين الإطارات داخل الخلية لزيادة التهوية وتقليل الضغط الحراري.

تجنب نقل الخلايا أو فتحها خلال موجات الحر الشديدة.

التأكد من وجود ملكة قوية ومخزون غذائي كافٍ في كل طائفة.

الامتناع عن فرز العسل أو فحص الطوائف في الأيام شديدة الحرارة.


تحذيرات من الإجهاد.. ودعوة لحلول دائمة

في هذا السياق، أكد فتحي بحيري، رئيس اتحاد النحالين العرب، أن نحل العسل في مصر والعالم يواجه حاليًا مجموعة متراكبة من التحديات، ليس فقط بسبب التغيرات المناخية، بل أيضًا بسبب الاستخدام المكثف للمبيدات الكيميائية، التي تضر بالنحل وتؤثر على التلقيح الزراعي والإنتاج الغذائي عمومًا.

وشدد بحيري على أن الحفاظ على هذه الصناعة لا يخص فقط مربي النحل، بل هو واجب بيئي واقتصادي قومي، داعيًا إلى تبني استراتيجية طويلة الأجل لحماية النحل، تبدأ من القرية ولا تنتهي عند حدود المدينة.

خطة لإنقاذ النحل.. ونداء لجميع المواطنين

واقترح بحيري حزمة من الإجراءات التي وصفها بالضرورية لضمان استدامة هذه الثروة الحيوية:

زراعة نباتات رحيقية كزهور عباد الشمس، البرسيم، وبعض النباتات الطبية في الحقول والحدائق لتوفير غذاء دائم وآمن للنحل.

الحد من استخدام المبيدات الكيميائية، واستبدالها ببدائل صديقة للبيئة.

إطلاق برامج توعية بيئية في المدارس والقرى حول أهمية النحل ودوره في الأمن الغذائي.

تشجيع البحث العلمي في مجالات صحة النحل وتطوير أساليب تربيته، مع دعم الابتكار في هذا القطاع.

تقدير دور النحالين من خلال تسليط الضوء على قصص نجاحهم ومساهماتهم في دعم الاقتصاد المحلي.

العسل المصري.. ثروة مهددة تستحق الحماية

في النهاية، يبقى نحل العسل أحد الكنوز البيئية والاقتصادية لمصر، إذ لا يُعد مصدرًا للغذاء فقط، بل ركيزة أساسية في دعم التنوع البيولوجي والزراعة. ومع استمرار موجات الحر والتغير المناخي، فإن اتخاذ خطوات وقائية وتوعوية لم يعد خيارًا، بل ضرورة وطنية لحماية هذه الثروة النادرة من الزوال.