الأرض
الأربعاء 1 أكتوبر 2025 مـ 01:23 صـ 7 ربيع آخر 1447 هـ
موقع الأرض
رئيس مجلس الإدارةخالد سيفرئيس التحريرمحمود البرغوثيالمدير العاممحمد صبحي

الزيتون الشجرة المباركة

في أحد مجالس العلم بعد صلاة العشاء بمسجد السيوف بالإسكندرية، جلس الشيخ ثروت مع المصلين لتدبر آيات القرآن الكريم. استوقفنا جزء من الآية 35 في سورة النور:

"شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار"

وكان النقاش حول عظمة التشبيه في هذه الآية الكريمة، ومع تقدمي في المسيرة المهنية وتخصصي في الزيوت النباتية، وبالأخص زيت الزيتون، حاولت الربط بين الآية والتفسير العلمي الخاص بأشجار الزيتون.

نقاط النقاش:

شجرة الزيتون تقع في موقع مثالي بين الشرق والغرب، تصل إليها الشمس من جميع الاتجاهات أينما زُرعت.

وصف نورها بـ"يكاد زيتها يضيء" يعبر عن بركة ونقاء زيت الزيتون، حيث يكون الزيت نقيًا جدًا وكاد أن يضيء من شدة صفائه حتى قبل أن تمسه النار.

علميًا، درجة اشتعال زيت الزيتون تتراوح بين (190 – 207) درجة مئوية، وهي مرتفعة نسبيًا مقارنة ببعض الزيوت الأخرى.

ومن الظواهر الفيزيولوجية التي لاحظها البحث العلمي في النباتات عامة، وأشجار الزيتون خاصة، هي ظاهرة الفلوريسنت الكلوروفيلية (Chlorophyll Fluorescence).

ما هي ظاهرة الفلوريسنت الكلوروفيلية؟

الكلوروفيل الموجود في الأوراق لا يحول كل الطاقة الضوئية الممتصة إلى طاقة كيميائية أثناء عملية التمثيل الضوئي؛ جزء من هذه الطاقة يُفقد على شكل حرارة، وجزء آخر يُعاد إصداره على شكل ضوء أحمر ضعيف يُسمى الفلوريسنت الكلوروفيلية.

أهمية هذه الظاهرة لأشجار الزيتون:

يمكن رصدها باستخدام أجهزة خاصة تقيس انبعاث الفلوريسنت عند تعريض الأوراق للضوء.

شدة الفلوريسنت تتغير بحسب حالة جهاز التمثيل الضوئي، خاصة نشاط البروتين PSII (Photosystem II).

عند تعرّض أشجار الزيتون لإجهادات مثل الجفاف، الملوحة، الحرارة العالية، أو الإصابات المرضية، يتغير نمط الفلوريسنت الكلوروفيلية، حيث تقل كفاءة التحويل الضوئي وتزداد نسبة الطاقة المفقودة.

ما هو نشاط البروتين PSII (Photosystem II)؟

أثناء عملية التمثيل الضوئي، يتفاعل الضوء مع مركب بروتيني معقد في أغشية النباتات يُسمى Photosystem II، وهو المسؤول عن:

تحويل طاقة الضوء لتقسيم جزيئات الماء.

إنتاج إلكترونات تُستخدم في سلسلة التفاعلات الكيميائية داخل النبات.

إنتاج بروتونات تساهم في إنتاج جزيئات الطاقة ATP.

إطلاق الأكسجين إلى الغلاف الجوي.

وقد سبق وذكرنا أن أشجار الزيتون تعمل كـ مصرف كربوني وتحافظ على البيئة ومقاومة للتغيرات المناخية، كما ورد في مقالنا السابق: الزيتون محايد الكربون
.

أهمية قياس الفلوريسنت الكلوروفيلية في الزيتون:

تقييم تحمل أشجار الزيتون للجفاف أو الملوحة.

متابعة تأثير المعاملات الزراعية مثل التسميد، الري، والتقليم على كفاءة البناء الضوئي.

الكشف المبكر عن الإصابات أو الضغوط قبل ظهور أعراض بصرية.

مقارنة أصناف الزيتون في قدرتها على تحمل الإجهاد، أو تقييم نجاح المعاملة الزراعية لصنف معين مقارنة بآخر.

خلاصة:

الفلوريسنت الكلوروفيلية ظاهرة عامة في النباتات، لكن شجرة الزيتون أصبحت نموذجًا هامًا في الأبحاث بسبب أهميتها الاقتصادية والبيئية وقدرتها على تحمل الظروف الصعبة.

*خبير وقاضي دولي في زيت الزيتون
عضو الجمعية العلمية – جامعة الإسكندرية