الجمعة 29 مارس 2024 مـ 02:00 صـ 19 رمضان 1445 هـ
موقع الأرض
رئيس مجلس الإدارةخالد سيفرئيس التحريرمحمود البرغوثيالمدير العاممحمد صبحي

الجدل مستمر .. وتضارب نظريات علمية وتجارية

شروط نجاح التسميد الورقي لأشجار الزيتون

رش أشجار الزيتون بين مؤيدين ورافضين
رش أشجار الزيتون بين مؤيدين ورافضين
القاهرة

تضاربت رؤى عدد من خبراء تغذية نبات أكاديميين وفنيين، حول أهمية التسميد الورقي لمعظم المحاصيل البستانية والحقلية (التغذية النباتية بالرش)، فبينما قال فريق إن الرش الورقي لا يحقق استفادة أكثر من 15% من عناصر محلول الرش، وأن هناك أهدافا تجارية لشركات عالمية وراء دفع الاهتمام برش المغذيات، قال فريق آخر إن الرش يمكن أن يمنح النبات أكثر من 70% من التغذية كبديل عن برنامج التسميد الأرضي، وذلك لخفض التكاليف المرتفعة للزراعة، والتغلب على مشاكل التربة وأمراضها.

ومع هذا الاختلاف، اتفق الطرفان على ضرورة مراعاة جودة مياه الرش، من حيث الملوحة ورقم الحموضة المتعادل للمحلول النهائي، وهنا: تفاصيل الحوار بين الطرفين:

كان المهندس أبو الحجاج حسين استشاري الزيتون، قد فتح الملف على جروب "زيتون الأوائل والعدالة" عبر تطبيق "واتساب"، حيث نشرا تقريرا يتعلق بعدم جدوى الرش الورقي في تغذية أشجار الزيتون، وأن نسبة استفادة الزيتون من العناصر الذائبة في محلول الرش ـ في الظروف العادية لا تتعدى 15%، وأسند حديثه إلى خبير أسباني يدعى "إيفان".

وجاء في التقرير الذي أيده أبو الحجاج، أن معامل AGQ الأسبانية أرسلت خبيرا لوضع حلول لعدة مشاكل في عدد من المزارع، وقسم محلول الرش على سبورة للشرح إلى عدة أقسام، واستحوذت النسبة القابلة لاستفادة النبات على 15% فقط، "وهي نسبة غير مجدية اقتصاديا مقارنة بتكلفة الرش".

وعرض أبو الحجاج رأيا ثانيا للدكتور بول فيزون الأكاديمي في جامعة كاليفورنيا ويتركز اهتمامه حول محصول الزيتون، والذي قال إن الرش الورقي على الزيتون لم يتسبب في زيادة غلة الفدان لا في عام الرش ولا في الأعوام التي تليه، مضيفا أن الرش الورقي يقتصر على حالة النقص الشديد لتعزيز الأزوت، "وهذا التعزيز لا يستمر مدة طويلة، على العكس من المعاملة الأرضية التي يستمر تعزيز الأزوت فيها مدة طويلة داخل النبات".

وأكد المهندس أبو الحجاج في عرضه ـ وفقا للخبير الإسباني، على أن الأوراق صغيرة الحجم هي التي تستفيد بنسبة أكبر من الرش الورقي، "وعمليا لو تم رش شجرة الزيتون بمبيد حشائش قوي لن يحدث تأثيرا سلبيا إلا على آخر ورقتين في البرعم الطرفي، وذلك يثبت صعوبة الامتصاص و ندرة الاستفادة من الرش الورقي".

وختم أبو الحجاج تقريره بضرورة التعامل مع شجرة الزيتون عند الحاجة للرش الورقي، كظروف غير عادية،

"ولا بد من استخدام ما يسهل عملية الامتصاص، مثل السكريات الكحولية التي ترفع نسبة الاستفادة من محلول الرش".

تاريخ طويل للتسميد الورقي

الدكتور عادل عبد الخالق أستاذ كيمياء تغذية البنات بالمركز القومي للبحوث، والعضو المنتدب لشركة "إيفر جرو" للأسمدة العضوية والمخصبات، قال في تصريح خاص لموقع "الأرض"، إن التغذية الورقية علم ثابت تم اكتشافه وتسجيله منذ عام 1844 على أيدي العالم الألماني جريس، "ولم يعد الأمر يحتاج إلى نقاش علمي حول وجوده من عدمه".

وأوضح عبد الخالق أن المجموع الجذري للنبات هو الأصل في التغذية، لكن بشرط وجود التربة المثالية من حيث الملوحة، ورقم الحموضة ph، "والتربة المصرية، سواء القديمة الطينية في الوادي والدلتا، أو المستصلحة حديثا في الصحراء، تعج بالمشاكل المعقدة، سواء من حيث الملوحة، أو سوء الصرف، أو القلوية، أو وجود معقدات من عدة أملاح تم تثبيتها على مر الزمن في منطقة انتشار الجذور لجميع أنواع المحاصيل".

وأضاف الدكتور عادل عبد الخالق في تصريحه لموقع "الأرض"، أن التغذية الورقية مفيدة جدا في عدة حالات، أهمها: زيادة مشاكل التربة من حيث الملوحة والقلوية، ارتفاع قلوية مياه الري، وجود أعفان جذور أو نيماتودا، وانخفاض درجة حرارة التربة عن الحد المثالي للتبادل الغازي بين التربة والجو، وذلك لضمان النمو المثالي للجذور، ثم الامتصاص.

وأكد الدكتور عادل عبد الخالق أهمية استخدام الرش الورقي لتعويض نقص العناصر، أو تزويد النباتات باحتياجاتها من العناصر الكبرى والصغرى، لافتا النظر إلى ضرورة الاهتمام بجودة المياه المستخدمة في تحضير محلول الرش، بحيث لا تزيد ملوحتها على 600 بي بي إم، ولا يزيد رقم الحموضة ph على الحد المتعادل (6.5 ـ 7)، وذلك لضمان تحقيق معدل امتصاص جيد من ثغور الأوراق، وخدوشها، وأي تشققات في سيقان النباتات، "لكن هذا لا يمنع أن مياه الرش التي ترتفع ملوحتها إلى 1000 بي بي إم تصلح أيضا للتغذية الورقية، مع التسليم بتراجع نسبة الاستفادة من العناصر السمادية الذائبة فيها".

ولفت خبير كيمياء تغذية النباتات النظر إلى ضرورة وجود اليوريا في محلول الرش، ولو بتركيزات منخفضة، "حيث لها القدرة على إذابة طبقة الكيوتيكل الشمعية وتحويلها إلى إيستر عالي النفاذية، فيزيد من سرعة انتشار العناصر الموجودة في محلول الرش إلى سيتوبلازم الخلية مباشرة".

معظم أوراق الأشجار جلدية .. والرش الورقي مهم جدا

من جهته، قال الدكتور حسن سيد أحمد أستاذ البساتين بالمركز القومي للبحوث، ورئيس المكتب العلمي لمجموعة "إيفر جرو"، إن معظم أوراق الفواكه، مثل: الزيتون، المانجو، والموالح، تشترك في المواصفات الجلدية صعبة النفاذية، وذلك بسبب وجود مادة الكيوتيكل الشمعية التي تحميها من أي ظروف مناخية صعبة، "ورغم ذلك لم يتجاهل العلم الحديث ولا القديم منذ اكتشاف الأسمدة الورقية عام 1844، اللجوء إلى أسلوب الرش بالعناصر الكبرى والصغرى، شرط ضبط ملوحة المياه المستخدمة في محلول الرش، ورقم الحموضة ph الخاص بها".

وشدد سيد أحمد في تصريحه لموقع "الأرض"، على ضرورة التعامل مع التسميد الورقي، كتغذية الإنسان بواسطة المحاليل الوريدية، "بمعنى التأكد من سلامة محلول الرش، وضبط العناصر المضافة، وضمان سلامة تجانسها كيميائيا، مع مراعاة توقيت الرش من حيث درجة الحرارة وسطوع الشمس من عدمه".

وتطرق سيد أحمد إلى ضرورة الأخذ بالعلم في العمليات الزراعية، خاصة التغذية ومكافحة الآفات، لافتا النظر إلى أن عدم الاعتراف بالتغذية الورقية، يعني هدم كل نظريات استخدام المبيدات الجهازية، ومنظمات النمو المفيدة في علاج النقص الحاد أحيانا، بسبب مشاكل التربة التي تحد من معدلات الاستفادة بالتسميد الأرضي، منوها إلى أنه ليست الثغور وحدها المسئولة عن نفاذ محلول الرش إلى داخل الخلية، "بل الخدوش السطحية على الأوراق والسيقان لها نفس الدور أيضا".

علاقة وطيدة بين النتح والامتصاص

من جهته، قال خبير الفاكهة المتساقطة الدكتور الباز عبد العليم، إن من يتجاهل دور الرش الورقي، يحكم بعدم أهمية الثغور في عملية النتح، لافتا النظر إلى وجود علاقة وثيقة بين الامتصاص والنتح، "ما يعني، أن جودة الامتصاص من الجذور ترتبط ارتباطا وثيقا بسلامة فتح الثغور للنتح، وغلقها ساعات الحرارة الشديدة للحفاظ على المحتوى المائي للخلية النباتية".

وأضاف الباز عبد العليم في تصريح خاص لموقع "الأرض"، أنه لو كانت ورقة الزيتون غير قابلة لامتصاص العناصر من محلول الرش، سواء سماد أو مبيد، أو منظمات نمو، حسب طبيعة كل عنصر وصلاحيته للرش، فهذا يعني عدم قدرة النبات على الامتصاص من الجذور.

وأوضح خبير فيسيولوجيا النبات أن كفاءة الرش مرتبطة بكفاءة فتح الثغور وغلقها، والأخيرة ترتبط بالمناخ، سواء البرودة أقل من 2 درجة مئوية أو الحرارة أعلى من 32 درجة مئوية، "وبالتالي فإن المناخ المثالي للرش ينحصر بين 12 و28 درجة مئوية، وعندها تستقيم العلاقة الميكانيكية بين الامتصاص والنتح، ومعها انتشار العناصر الذائبة في محلول الرش الورقي عبر سيتوبلازم الخلية بسلاسة".

وأشار الدكتور الباز عبد العليم إلى أن الباحث يرى المعلومة من زاوية محددة، ويفسرها حسب رؤيته، "وهنا يأتي اختلاف الباحثين حول الحقائق العلمية النظرية، لكن هناك ثوابت لا تقبل الاختلاف، أهمها: علاقة الامتصاص بالنتح، وهو أمر يرتبط بسلامة ميكانيزم فتح الثغور وغلقها، وسلامة المجموع الجذري في التربة".

رش سلفات العناصر الصغرى وتسميدها

أما المهندس إسلام أبو سريع، استشاري زراعات الزيتون، فقال إن الزيتون يستجيب للرش، مفيدا أن المعيار هو كيفية الرش ونوعية مياه الرش، ووجود مادة ناشرة في المحلول من عدمه.

وأضاف أبو سريع في حوار على جروب "زيتون الأوائل والعدالة" على تطبيق "واتساب"، أنه يفضل عند الرش احتواء المحلول على مادة حاملة في حالة المغذيات السمادية، "كذلك ضبط ph المحلول".

وأكد المهندس إسلام إمكانية رش سلفات العناصر الصغرى (حديدوز، زنك، ومنجنز)، بشكل مجد اقتصاديا، شرط ضمان جودتها، وذلك بمعدل ٣ جرامات لكل لتر ماء، وذلك في حالات النقص الشديد من هذه العناصر في الأوراق، منوها إلى أن الأساس في تغذية ملح هذه العناصر في صورة السلفات هو الرش الورقي، بينما يفضل تسميد العناصر الصغرى في التربة مخلبة، كما يمكن رشها في صورة "إديتا"، ما عدا الحديد فيضاف في التربة مخلبا على "إدها".