ارتفاع أسعار العلف يفتح باب الابتكار الزراعي

أكد الدكتور محمد الشافعي، مدير معهد بحوث الإنتاج الحيواني، أن المعهد يواصل أداء دوره في دعم وتنمية الثروة الحيوانية رغم الصعوبات، مشيرًا إلى أن ارتفاع تكلفة تشغيل المحطات البحثية، ولا سيما تشغيل القطعان، يعد من أبرز التحديات، في ظل ضعف إنتاجية السلالات المحلية، رغم ما تملكه من قدرة عالية على تحمل الحرارة ومقاومة الأمراض.
وأوضح الشافعي أن المعهد نجح، من خلال شراكات مع القطاع الخاص، في تحسين إنتاجية بعض المحطات خاصة في قطاع الألبان، وحقق أرباحًا مشجعة.
وأشار إلى أن التوسع في استخدام الأعلاف البديلة المستخلصة من المخلفات الزراعية ومخلفات الصناعات الغذائية، أحد الحلول لمواجهة ارتفاع أسعار العلف التقليدي.
وكشف أن أبحاث المعهد ساهمت في خفض تكلفة العلف بنسبة تتراوح بين 40 إلى 50%، مع الحفاظ على معدلات النمو والإنتاج، لكنه حذّر من غياب آلية وطنية لتجميع المخلفات الزراعية وتحويلها إلى أعلاف، في ظل استمرار التعامل الفردي والعشوائي، وغياب نظام واضح للشراء والتوريد.
وطالب الشافعي بإطلاق مشروع قومي تتبناه الدولة، لتحويل هذه المخلفات إلى مورد علفي دائم، مؤكدًا أن التوسع في تصنيع الأعلاف البديلة، وتطوير السلالات المحلية، ودعم البحث العلمي التطبيقي، هي مفاتيح الأمن الغذائي الحيواني في مصر خلال السنوات المقبلة.
حسين منصور: إدارة فعالة للسلالات أهم من الاستيراد العشوائي
من جانبه، شدد الدكتور حسين منصور، أستاذ تربية الحيوان بجامعة عين شمس ورئيس هيئة سلامة الغذاء الأسبق، على أهمية وضع نظام متكامل لإدارة الثروة الحيوانية، يبدأ بترقيم وتعريف كل حيوان، بدلًا من الاعتماد العشوائي على استيراد سلالات ضخمة لا تتلاءم مع البيئة المحلية.
وحذّر منصور من إدخال سلالات أجنبية ذات احتياجات مائية وحرارية مرتفعة، مشيرًا إلى أن إنتاج كيلوغرام واحد من لحم بعض السلالات الكبيرة قد يتطلب ما يصل إلى 16 ألف لتر من المياه، وهو رقم لا يتناسب مع الواقع المائي في مصر.
وأضاف أن التحسين الوراثي لا يعني استيراد سلالات فاخرة، بل تحسين بيئة الحيوانات المحلية وظروف معيشتها، مشددًا على أن التوازن بين التركيبة الوراثية والعوامل البيئية هو ما يضمن استدامة الإنتاج.
وأوضح أن غياب نظام وطني لترقيم الحيوانات يعوق برامج التحصين والرعاية البيطرية، لعدم وجود بيانات دقيقة حول أعدادها وتواريخ ميلادها، مؤكدًا أن تحسين كفاءة الإنتاج لن يتحقق دون برامج دقيقة لتحسين السلالات المحلية، مبنية على بيانات ورعاية صحية متكاملة.
عادل أبو النجا: دعم المرأة الريفية وتربية الماعز مدخل للتنمية
في السياق نفسه، دعا الدكتور عادل أبو النجا، أستاذ الإنتاج الحيواني بمعهد بحوث الإنتاج الحيواني، إلى ضرورة العمل على محاور متعددة لتطوير الثروة الحيوانية، من بينها رفع الوعي بأهمية تحويل المخلفات الزراعية إلى أعلاف، لما لذلك من أثر اقتصادي وبيئي.
وأشار إلى أن دعم الأسر الفقيرة والمرأة في المناطق الريفية يجب أن يكون جزءًا من خطة التنمية، لافتًا إلى أن تربية الأغنام والماعز وتصنيع منتجات الألبان تمثل مصدر دخل مهمًا في هذه المناطق.
وشدد على أهمية تحديث الإحصاءات الحيوانية لتحديد أعداد وأنواع الحيوانات المنتجة بدقة، وضرورة وضع برنامج وطني شامل ينظم استيراد السلالات ويحمي الأصناف المحلية المتكيفة مع المناخ المصري.
كما حذّر من خطورة التغيرات المناخية التي تهدد استقرار الإنتاج الحيواني، مؤكدًا ضرورة دعم البحوث التطبيقية التي تسهم في مواجهة هذه التحديات وضمان استمرارية هذا القطاع الاستراتيجي.
حسام سيور: لا وقت نضيعه... التشخيص المحلي ضرورة عاجلة
من جانبه، أكد الدكتور حسام عز الدين سيور، رئيس بحوث بمعهد بحوث الصحة الحيوانية، أن الوقت لم يعد في صالح قطاع الثروة الحيوانية، ليس فقط بسبب نقص الموارد، ولكن نتيجة الانتشار المتسارع للأمراض الحيوانية والوبائية.
وأشار إلى أن الحل يكمن في امتلاك أدوات تشخيص محلية الصنع وتكنولوجيا إنتاج أجهزة التحليل المعملي، بدلًا من الاعتماد الكامل على الواردات، التي لا تواكب غالبًا طبيعة المناخ والظروف المحلية.
وقال إن المعهد بدأ منذ أكثر من عقد في تكوين فريق علمي لتطوير أدوات التشخيص، بالتعاون مع جهات متعددة، وقد أصبح هذا الفريق اليوم قادرًا على تصنيع نماذج محلية تُستخدم في الكشف عن الأمراض الحيوانية بدقة، مع إمكانية تخزين وتحليل العينات وفقًا لمعايير علمية متقدمة.