الأرض
الأربعاء 31 ديسمبر 2025 مـ 01:42 صـ 10 رجب 1447 هـ
موقع الأرض
رئيس مجلس الإدارةخالد سيفرئيس التحريرمحمود البرغوثيالمدير العاممحمد صبحي

مناخ الزراعة: فلترة مياه الري تحمي المحاصيل وتخفض التكاليف

فلترة مياه الري
فلترة مياه الري

تُعد فلترة مياه الري أحد الركائز الأساسية لنجاح الزراعة الحديثة ورفع كفاءة نظم الري، حيث تمثل خط الدفاع الأول لحماية الشبكات الزراعية وضمان استدامة الإنتاج، خاصة في ظل التوسع في نظم الري بالتنقيط والرش، والاعتماد المتزايد على مصادر مياه متنوعة تختلف في خصائصها الفيزيائية والكيميائية.

وأكد محمد عبدربه، مدير المعمل المركزي للمناخ الزراعي، أن الفلترة ليست مجرد مرحلة إضافية في شبكة الري، بل عنصر حاسم يؤثر بشكل مباشر على كفاءة النظام بالكامل، موضحًا أن أي خلل في اختيار أو تشغيل نظام الفلترة ينعكس فورًا على انتظام توزيع المياه، ويؤدي في النهاية إلى انخفاض المحصول وتراجع جودته وارتفاع تكاليف التشغيل والصيانة.

فلترة مياه الري تحمي المحصول وتخفض
وأضاف عبدربه أن الفلترة السيئة تُعد من أخطر أسباب تدهور أداء نظم الري، خاصة الري بالتنقيط، حيث تؤدي الحبيبات الصلبة والشوائب الدقيقة إلى انسداد النقاطات، واختلال توزيع المياه داخل الحقل، فتصبح بعض المناطق غارقة بالمياه وأخرى تعاني العطش، وهو ما يفقد العملية الزراعية توازنها ويهدر المدخلات.
ولا تقتصر الأضرار على ذلك، بل تمتد لتشمل تآكل ريش المضخات، وتعطل المحابس الأوتوماتيكية، وعدم انتظام الضغوط داخل الشبكة، ما يؤدي إلى زيادة استهلاك الطاقة، وارتفاع تكاليف الصيانة والعمالة، وخسائر مباشرة في الإنتاج.

وأشار إلى أن تكلفة الخراطيم والنقاطات تمثل ما بين 30 إلى 50% من إجمالي تكلفة شبكة الري، وهو ما يجعل حمايتها أولوية قصوى، لافتًا إلى أن فتحات النقاطات الدقيقة تُقاس بالميكرون، وبالتالي فإن شوائب لا تُرى بالعين المجردة كفيلة بإحداث انسداد كامل خلال فترة قصيرة.

وفي هذا السياق، شدد على أن بعض الممارسات الخاطئة، مثل الطرق على النقاطات أو ثقب الخراطيم بوسائل بدائية، لا تمثل حلولًا، بل تؤدي إلى تلف الشبكة بالكامل، مؤكدًا أن التطور الزراعي يبدأ بالفهم الصحيح لمكونات نظام الري واستخدام كل عنصر في موضعه السليم.

اختيار الفلتر المناسب حسب مصدر المياه
وأوضح مدير المعمل المركزي للمناخ الزراعي أن اختيار نظام الفلترة يعتمد بالأساس على مصدر المياه المستخدم داخل المزرعة:
أولًا: المياه السطحية
تتميز المياه السطحية بتنوع ملوثاتها نتيجة تعرضها للهواء والمخلفات العضوية وغير العضوية، مثل الرمال، الأوراق، الطحالب، الحشائش، والمحار، وهو ما يستدعي استخدام الفلاتر الرملية القادرة على التعامل مع هذا النوع من الشوائب، مع مراعاة التغيرات الموسمية في طبيعة المياه.
ثانيًا: المياه الجوفية
تحتوي غالبًا على أملاح ورمال ثابتة نسبيًا، إلا أن التغيرات الجيولوجية أو تلف الآبار قد يؤدي إلى ظهور مشكلات مفاجئة، ما يستوجب المتابعة الدورية لجودة المياه. وتُعد الفلاتر الشبكية أو القرصية الأنسب لهذا النوع من المصادر، لما توفره من كفاءة عالية وسهولة في الصيانة.

الترشيح والمعالجة لضمان كفاءة الري
وأشار عبدربه إلى أن بعض مصادر المياه، خاصة المحملة بالسلت أو المواد الغروية، تحتاج إلى المرور على أحواض ترسيب قبل دخولها شبكة الري، مع استخدام مواد كيميائية أو بوليمرات لتجميع الحبيبات الدقيقة وزيادة وزنها لترسيبها. كما يمكن استخدام الكلور أو كبريتات النحاس أو البرمنجنات للقضاء على الأحياء الدقيقة مثل الفطريات.

وأكد أن المرشح المستخدم في نظم الري بالتنقيط يجب أن يتمتع بعدة خصائص أساسية، من بينها القدرة على ترشيح كميات كبيرة من المياه، وعدم التسبب في فقد كبير للضغط، وسهولة الصيانة، والتكلفة الاقتصادية المناسبة.

إدارة التسميد والكيماويات داخل الشبكة
وحذر من أن سوء توزيع مياه الري أو خلط الأسمدة غير المتوافقة يؤدي إلى تفاعلات كيميائية داخل الشبكة، تُنتج مركبات تسبب انسداد مخارج الري، ما يقلل من كفاءة التسميد ويؤثر سلبًا على نمو النبات.

أهمية الموضوع للقارئ
تُبرز هذه المنظومة المتكاملة أن الاستثمار في فلترة مياه الري ليس تكلفة إضافية، بل قرار ذكي يحمي رأس المال الزراعي، ويخفض استهلاك الطاقة، ويزيد الإنتاجية، ويضمن استدامة نظم الري، خاصة في ظل ندرة المياه وارتفاع تكاليف التشغيل.