الأرض
الإثنين 13 أكتوبر 2025 مـ 09:05 مـ 20 ربيع آخر 1447 هـ
موقع الأرض
رئيس مجلس الإدارةخالد سيفرئيس التحريرمحمود البرغوثيالمدير العاممحمد صبحي

خبير زراعي يكشف أسرار الملوحة الزراعية

 الملوحة الزراعية
الملوحة الزراعية

أكد الدكتور علاء جمعة، أستاذ البساتين بكلية الزراعة بجامعة قناة السويس، أن الملوحة في التربة ومياه الري تمثل واحدة من أخطر المشكلات التي تهدد الإنتاج الزراعي، وأن العلاج الحقيقي والوحيد لها يتمثل في غسيل التربة، وهو ما لا يمكن استبداله بأي تقنيات أخرى مهما تنوعت.

الملوحة: التهديد الصامت للزراعة

بحسب د. علاء جمعة، تحدث الملوحة عندما ترتفع نسبة الأملاح الكلية في التربة، ما يؤدي إلى انخفاض إنتاجية المحاصيل الزراعية، وقد يصل الأمر في بعض الحالات إلى توقف الزراعة تمامًا، حسب درجة الملوحة. وتُعد هذه الظاهرة سببًا مباشرًا لما يسمى "العطش الفسيولوجي" للنبات، إذ تتعارض الملوحة مع امتصاص النبات للماء والعناصر الغذائية.

غسيل التربة: الطريق الوحيد للعلاج

يشدد الدكتور جمعة على أن جميع الأبحاث والتجارب العلمية تؤكد وجود وسيلة واحدة فقط للتخلص من الملوحة، وهي غسيل التربة بالمياه، وهو إجراء يعتمد على استخدام كميات وفيرة من المياه لغرض طرد الأملاح من منطقة الجذور إلى أعماق بعيدة داخل التربة.

ويضيف: "كل الأقلام جفت، والصحف طُويت. لا بديل لغسيل التربة حتى اليوم، وكل ما يُقال خلاف ذلك مجرد طرق للتعايش مع الملوحة، لا لعلاجها".

استراتيجيات للتقليل من الأضرار فقط

رغم أن الطرق الحديثة في الزراعة لا تُعالج الملوحة جذريًا، فإن د. علاء جمعة يؤكد على أهميتها في تقليل أثر الملوحة على الإنتاج الزراعي، ومن أبرز هذه التقنيات:

اختيار محاصيل مقاومة للملوحة: مثل النباتات التي تتحمل الظروف الملحية، لكنها لا تقلل نسبة الأملاح في التربة.

زيادة كمية البذور: لمواجهة ضعف الإنبات دون تقليل الملوحة.

تحسين الري والتسميد: لتعويض العجز الناتج عن العطش الفسيولوجي.

تعديل مكان الزراعة: كأن تتم الزراعة في الجزء السفلي من الخطوط حيث يقل تركّز الأملاح.

نظام الري بالتنقيط مع الأمطار: لتجنب تراكم الأملاح قرب الجذور.

عدم استخدام الري بالرش عند تجاوز ملوحة المياه 1500 جزء في المليون، لأن ذلك يؤدي إلى احتراق النباتات.

الإجراءات الوقائية: الحد من الملوحة الثانوية

أوضح الدكتور جمعة أن هناك مجموعة من الإجراءات التي تهدف إلى تقليل البخر من سطح التربة، وبالتالي الحد من تراكم الملوحة الثانوية، وتشمل:

الملش (التغطية العضوية أو البلاستيكية للتربة): لتقليل حرارة السطح والحد من التبخر.

عزيق التربة والحرث قبل المطر: لخلق مسامات تقلل تبخر المياه.

تحسين شبكات الصرف الزراعي: لمنع ارتفاع مستوى الماء الأرضي.

الري في أوقات انخفاض درجات الحرارة: كالصباح الباكر أو الليل لتقليل الفقد بالبخر.

التظليل ومصدات الرياح: لتقليل درجات الحرارة وسرعة الرياح وبالتالي الحد من التبخر.

الزراعة من دون تربة... حل بديل لا يخفض الملوحة

كما أشار د. علاء جمعة إلى تقنيات الزراعة الحديثة مثل الزراعة المائية (الهيدروبونيك) أو الزراعة على بالات القش كحلول بديلة لا تعتمد على التربة، وبالتالي تتفادى مشكلة الملوحة. لكنه أوضح أن هذه التقنيات لا تعالج الملوحة، بل تتجاوزها كليًا بعدم استخدام التربة في الأصل.

خلاصة علمية لا تقبل الجدال

تلخص تصريحات الدكتور علاء جمعة حقيقة لا يمكن القفز عليها:
"غسيل التربة هو الحل الوحيد لعلاج الملوحة. أما بقية الإجراءات، فهي وسائل لتقليل الأضرار فقط دون أن تمس جوهر المشكلة."

تُعد هذه التوصيات بمثابة مرجع حيوي لكل مزارع يواجه مشاكل الملوحة في تربة مزرعته، وكل مختص يسعى لوضع حلول علمية قابلة للتطبيق في الأراضي الزراعية المتأثرة بالأملاح.