مطالبات من شركات السكر بوقف فوري للاستيراد

طالبت شركات السكر وزارة التموين والتجارة الداخلية بإيقاف استيراد السكر مؤقتًا، في خطوة عاجلة تهدف لاحتواء أزمة تكدس المخزون المحلي، بعد أن شهدت أسعار السكر انخفاضًا ملحوظًا بنحو 1500 جنيه للطن خلال شهر أكتوبر مقارنة بشهر سبتمبر الماضي.
تراجع حاد في الأسعار يضغط على المنتجين المحليين
أوضح مصدر مسؤول في إحدى الشركات الحكومية المنتجة لسكر البنجر أن تدفق كميات كبيرة من السكر المستورد أدى إلى خسائر فادحة للشركات المحلية، مشيرًا إلى أن شركات مثل الدلتا، النوبارية، الدقهلية، والفيوم تعاني من تراكم كميات ضخمة من الإنتاج لم تتمكن من تسويقه حتى الآن.
وأضاف المصدر أن سعر الطن تراجع من 25.5 ألف جنيه في سبتمبر إلى 24 ألف جنيه فقط خلال أكتوبر، في ظل صعوبة تصريف الإنتاج المحلي المتراكم.
مخزون ضخم يهدد استقرار السوق
كشف المصدر أن شركة الدلتا للسكر وحدها تحتفظ بمخزون يتراوح بين 260 و270 ألف طن من أصل إنتاج الموسم الماضي الذي تجاوز 280 ألف طن. هذا الوضع دفع الشركات لطلب تدخل عاجل من وزارة التموين لوقف مؤقت لعمليات الاستيراد، حتى يتعافى السوق المحلي ويتمكن من استيعاب الكميات الموجودة في المخازن.
مضاربات تجارية تُعمّق الأزمة
من جانبه، قال حسن الفندي، رئيس شعبة السكر بغرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات، إن أسعار السكر بدأت في الانخفاض التدريجي منذ نحو 3 أشهر، لتصل حاليًا إلى 26 ألف جنيه للطن، بعد أن كانت تُباع بـ29 ألف جنيه.
وأضاف أن المضاربات التي ينفذها بعض التجار داخل السوق تسرّع وتيرة الانخفاض بهدف التخلص من كمياتهم المخزنة عبر البيع السريع، في وقت يعاني فيه السوق من حالة تشبّع واضحة.
وأشار الفندي إلى أن الاستهلاك الصناعي للسكر في مصر يقدّر بنحو مليون طن سنويًا، وهو ما يعكس حجم الضغط الذي يمكن أن تُحدثه الكميات المستوردة الزائدة على ميزان العرض والطلب.
السكر المستورد يضغط على الأسعار رغم التذبذب العالمي
في المقابل، أرجع حسن كامل، رئيس جمعية خبراء السكر، انخفاض الأسعار إلى مجموعة من العوامل، أبرزها زيادة الإنتاج المحلي بنحو نصف مليون طن هذا العام، ليصل إجمالي إنتاج السكر من قصب السكر وبنجر السكر إلى نحو 2.9 مليون طن.
وأشار كامل إلى أن السكر المستورد يُباع حاليًا بسعر يتراوح بين 500 و520 دولارًا للطن عند الوصول إلى الموانئ المصرية، وهو ما يشجع بعض التجار على استيراده خلال فترات انخفاض الأسعار عالميًا.
ولفت إلى أن شركة صافولا للسكر تمتلك قدرات تكريرية ضخمة تصل إلى 700 ألف طن سنويًا، ما يجعلها قادرة على ضخ كميات كبيرة من السكر المستورد في السوق المحلي، وهو عامل آخر يزيد من حدة المنافسة أمام المنتج المحلي.
زيادة الإنتاج المحلي تعزز المعروض في السوق
وبحسب بيانات رسمية، ارتفع إنتاج مصر من السكر خلال الموسم المنتهي في أغسطس الماضي بنسبة 34%، ليسجل 2.964 مليون طن مقارنة بـ2.215 مليون طن في موسم 2024، مدفوعًا باتساع الرقعة الزراعية لمحصول بنجر السكر وتحسين تقنيات الإنتاج.
خاتمة: الحاجة إلى توازن السوق
تشير كل المؤشرات إلى أن سوق السكر في مصر يعاني من اختلال واضح بين الإنتاج والاستهلاك، مدفوعًا بعوامل محلية وعالمية متشابكة. وبينما تسعى الشركات إلى حماية الصناعة الوطنية من خلال وقف مؤقت للاستيراد، تبقى الإدارة الحكيمة للعرض والطلب هي الحل الجوهري لضمان استقرار الأسعار وحماية المنتج المحلي والمستهلك في آنٍ واحد.