كيف تهدد أزمة الكتاكيت صناعة الدواجن في مصر؟

تضرب صناعة الدواجن في مصر موجة من التحديات الحادة، بعد ارتفاع مفاجئ في أسعار الكتاكيت، ما أثار قلقًا واسعًا في السوق المحلي، وانعكس بشكل مباشر على استقرار قطاع يُعد من أبرز ركائز الأمن الغذائي والاقتصاد الوطني.
صناعة الدواجن.. ركيزة غذائية واقتصادية لا غنى عنها
تُعد صناعة الدواجن في مصر من القطاعات الحيوية التي تلعب دورًا رئيسيًا في توفير البروتين الحيواني بأسعار مناسبة لملايين المواطنين. كما توفر هذه الصناعة آلاف فرص العمل المباشرة وغير المباشرة، ما يجعلها عنصرًا مؤثرًا في تحسين مستوى المعيشة ومكافحة البطالة، خاصة في المناطق الريفية.
ورغم هذا الثقل الاستراتيجي، تعاني الصناعة من أزمات متكررة تهدد استدامتها، كان آخرها ارتفاع أسعار الكتاكيت بشكل غير مسبوق خلال الشتاء الماضي، وهو ما دفع العديد من المربين، خاصة صغارهم، إلى الخروج من السوق أو العمل بخسارة.
هل الكتاكيت السبب الوحيد في الأزمة؟ نظرة إلى ما وراء السعر
في حين يظن البعض أن الأزمة الحالية سببها فقط ارتفاع سعر الكتكوت حتى 60 جنيهًا، إلا أن الخبراء يؤكدون أن المشكلة أعمق بكثير، إذ تعود جذورها إلى ضعف مناعة الأمهات، بسبب انتشار عدد من الأمراض مثل:
الأنيميا
الريو
الميكوبلازما
التقزم الفيروسي
هذه الأمراض أثّرت سلبًا على إنتاج البيض المخصب وجودته، وبالتالي تراجع جودة الكتاكيت المنتَجة محليًا. كما زادت معدلات الإصابة بالأمراض خلال فصل الشتاء، ما رفع معدلات النفوق وأدى إلى خسائر كبيرة للمربين، لا سيما صغارهم الذين يمثلون نحو 70% من السوق.
هل الدواجن المتداولة في السوق المصري آمنة؟
في خضم هذه الأزمات، أكدت جهات رقابية ومصادر بيطرية مطلعة أن سلامة الدواجن المتداولة في الأسواق المحلية ليست موضع شك. حيث تخضع لرقابة صحية صارمة من قبل الجهات المختصة، وتُعد آمنة بنسبة 100%. وبالتالي، فالأزمة لا تتعلق بصحة المنتج النهائي، بل ترتبط بمشكلات إنتاجية واقتصادية.
حلول مقترحة لتفادي الانهيار: ما الذي يجب فعله الآن؟
طرح خبراء الصناعة عددًا من الحلول العاجلة لضبط السوق وإنقاذ القطاع من مزيد من التدهور، أبرزها:
وقف استيراد أو التعامل مع قطعان الأمهات المصابة لمدة عام لإعادة هيكلة السلالات وتجديد القطيع المحلي.
استيراد البيض المخصب مؤقتًا كمصدر بديل يساعد في تغذية محطات الأمهات وتخفيف الضغط على الإنتاج المحلي.
تعزيز منظومة التحصينات البيطرية لضمان رفع مناعة الأمهات وتجنب تفشي الأمراض الموسمية.
الاعتماد على الاستيراد.. فجوة تهدر العملة الصعبة
من أبرز المشكلات البنيوية التي يعاني منها قطاع الدواجن في مصر، هو اعتماده شبه الكامل على الاستيراد في مدخلات الإنتاج، بدءًا من الأعلاف وحتى الكتاكيت. وهو ما يجعل القطاع أشبه بصناعة تجميع، وليست منظومة إنتاج متكاملة. هذا النموذج يفتح المجال أمام أزمات متعددة كلما تأثرت سلاسل الإمداد أو ارتفع سعر الدولار.
ورغم محاولات الدولة والمستثمرين توطين إنتاج الأمهات، إلا أن هذه الجهود لا تزال تعاني من تحديات، على رأسها نقص التحصينات وضعف التمويل، وهو ما يتطلب تدخلاً سريعًا لتحسين قدرة المزارع المحلية على تلبية الطلب.
الخلاصة: كيف نُنقذ صناعة تُطعم الملايين؟
إنقاذ صناعة الدواجن في مصر لم يعد ترفًا، بل ضرورة وطنية ترتبط بالأمن الغذائي والاقتصاد القومي. المطلوب اليوم ليس فقط دعمًا ماليًا أو تدخلًا وقتيًا، بل رؤية استراتيجية طويلة الأجل تعالج جذور الأزمة، وتدفع نحو:
إنتاج محلي متكامل
تحصينات فعالة
سوق منظم ومستقر
لضمان توفير الدواجن بأسعار عادلة، وحماية المربين من الخسارة، وتحقيق التوازن بين الاستهلاك والإنتاج.