الأرض
الخميس 30 أكتوبر 2025 مـ 07:18 مـ 8 جمادى أول 1447 هـ
موقع الأرض
رئيس مجلس الإدارةخالد سيفرئيس التحريرمحمود البرغوثيالمدير العاممحمد صبحي

الزراعة المصرية تحت الضغط.. مشروعات قومية لمواجهة تحديات المياه والغذاء

مشروعات قومية لمواجهة تحديات المياه والغذاء
مشروعات قومية لمواجهة تحديات المياه والغذاء

تواجه مصر اليوم واحدة من أكبر التحديات الاستراتيجية في تاريخها الحديث، تتمثل في السعي لتحقيق الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الأساسية وسط ضغوط متزايدة ناتجة عن شح الموارد المائية والتغيرات المناخية المتسارعة. فالمعطيات الرسمية تشير إلى أن نصيب الفرد من المياه في مصر لا يتجاوز 550 مترًا مكعبًا سنويًا، وهو ما يضع البلاد تحت خط الفقر المائي، مقارنة بالحد الأدنى الذي حددته منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة “الفاو” والمقدر بـ 1000 متر مكعب للفرد.

موارد محدودة واستهلاك متزايد

تبلغ إجمالي الموارد المائية في مصر نحو 75.5 مليار متر مكعب سنويًا، يأتي معظمها من نهر النيل (55.5 مليار متر مكعب)، إضافة إلى 10 مليارات من المياه الجوفية و10 مليارات أخرى من المياه الواردة من السودان. وتستهلك الزراعة وحدها نحو 80% من هذه الموارد، بينما يُخصص الباقي لمياه الشرب والصناعة والاستخدامات الأخرى، ما يعكس حجم الضغط الهائل على الموارد المائية في ظل الزيادة السكانية المتسارعة.

فجوة غذائية متنامية

أدى النمو السكاني السريع إلى اتساع الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك الغذائي، مما جعل مصر تعتمد بشكل متزايد على الاستيراد لتغطية احتياجاتها من القمح والذرة والزيوت والسكر واللحوم، خاصة من دول تمتلك ميزة نسبية في إنتاج هذه السلع مثل روسيا وأوكرانيا والولايات المتحدة والهند.

مشروعات قومية لمواجهة التحدي

ورغم صعوبة تحقيق الاكتفاء الذاتي الكامل في ظل الوضع المائي الحالي، فقد اتخذت الدولة المصرية خطوات جادة من خلال مشروعات قومية كبرى تهدف إلى ترشيد المياه وزيادة الإنتاج الزراعي. ومن أبرز هذه المشروعات:

تحلية المياه المعالجة ثلاثيًا واستخدامها في استصلاح الأراضي الصحراوية.

تبطين الترع لتقليل الفاقد من المياه.

التوسع في أنظمة الري الحديثة كالري بالتنقيط والرش.

استنباط سلالات زراعية جديدة عالية الإنتاج وقليلة الاستهلاك للمياه.

استراتيجيات للأمن الغذائي

ولتحقيق الأمن الغذائي المستدام، تدعو الاستراتيجيات الوطنية إلى:

التوسع الرأسي عبر زيادة إنتاجية الفدان واستنباط أصناف موفرة للمياه.

التوسع الأفقي بزراعة مساحات جديدة في الصحراء.

تعديل النمط الاستهلاكي وتشجيع المواطنين على تناول الخضروات بدلاً من الاعتماد المفرط على الخبز.

تفعيل الإرشاد الزراعي لتدريب المزارعين على أحدث الأساليب الزراعية.

تشجيع الزراعة داخل البيوت المحمية التي تحقق إنتاجية تعادل عشرة أضعاف الزراعة المكشوفة.

الزراعة التعاقدية وتحفيز المزارعين

كما تعمل الدولة على توسيع نطاق الزراعة التعاقدية وتوفير أسعار عادلة للمحاصيل، بما يشجع المزارعين على زيادة مساحة القمح المزروعة من 4 إلى 6 ملايين فدان، مع توفير مستلزمات الإنتاج بأسعار مناسبة ومدعومة لضمان استدامة القطاع الزراعي وتحقيق عائد اقتصادي عادل.

الأمن الغذائي… ركيزة التنمية المستدامة

إن تحقيق الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الاستراتيجية مثل القمح والذرة والزيوت والسكر واللحوم، يمثل الركيزة الأساسية للأمن الغذائي المصري، ويسهم في تقليل فاتورة الاستيراد، وتوفير العملة الصعبة، ودعم رؤية مصر 2030 نحو التنمية المستدامة وتعزيز استقلال القرار الاقتصادي الوطني.