الأرض
الأحد 14 ديسمبر 2025 مـ 11:43 مـ 23 جمادى آخر 1447 هـ
موقع الأرض
رئيس مجلس الإدارةخالد سيفرئيس التحريرمحمود البرغوثيالمدير العاممحمد صبحي

الزراعة العضوية في بني سويف بوابة الاقتصاد الأخضر

تشهد الزراعة العضوية في بني سويف طفرة غير مسبوقة، بعدما تحولت المحافظة إلى أحد أبرز النماذج الوطنية في تبني الزراعات غير التقليدية، التي تُعرف بالزراعات النظيفة أو العضوية، والتي تهدف إلى ترشيد استهلاك مياه الري، وتقليل الاعتماد على الأسمدة الكيماوية والمبيدات، وصولًا إلى إنتاج غذاء آمن وصديق للبيئة، يواكب توجهات الدولة نحو الاقتصاد الأخضر والتنمية المستدامة.

الزراعة العضوية في بني سويف نموذج رائد

في هذا السياق، أكد الدكتور محمد هاني غنيم، محافظ بني سويف، أن المحافظة قطعت شوطًا كبيرًا في دعم التحول نحو الزراعة العضوية، مشيرًا إلى تدريب أكثر من 4500 مزارع على الممارسات الزراعية المستدامة، وتحويل نحو 440 فدانًا فعليًا إلى الزراعة العضوية، بالتعاون مع شركاء دوليين بارزين، من بينهم الوكالة الألمانية للتعاون الدولي ومنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية.

وأوضح المحافظ أن هذا التعاون أثمر عن تقديم منح مالية تجاوزت 15 مليون جنيه لدعم المزارعين والجمعيات الزراعية، وتحفيزهم على تبني ممارسات صديقة للبيئة، ضمن رؤية شاملة تستهدف تحقيق الأمن الغذائي وحماية الموارد الطبيعية، لافتًا إلى التخطيط لإنشاء معامل متخصصة لتحليل بقايا المبيدات والمعادن الثقيلة، لخدمة محافظات الصعيد، بدعم فني من الاتحاد الأوروبي.

وفي إطار تشجيع النماذج الناجحة، جرى تكريم 20 مزارعًا متميزًا في مجال الزراعة العضوية، ضمن مبادرة «سندات الكربون»، على هامش مؤتمر النباتات الطبية والعطرية الذي استضافته المحافظة مؤخرًا، تحت رعاية رئاسة مجلس الوزراء، وبالتعاون مع وزارة الزراعة والوكالة الألمانية للتعاون الدولي، في خطوة تعكس ارتباط الزراعة العضوية بجهود مواجهة التغيرات المناخية.

مبادرة سندات الكربون… مكاسب متعددة

وشدد محافظ بني سويف على أهمية التوسع في تنفيذ مبادرة «سندات الكربون»، لما تحققه من عوائد بيئية واقتصادية واجتماعية متكاملة، تشمل خفض الانبعاثات الكربونية، وتحسين خصوبة التربة، وزيادة دخول المزارعين من خلال عوائد الكربون والتصدير، إلى جانب تحسين مستوى معيشة الأسر الريفية، وتعزيز الوعي البيئي.

وأشار إلى أن بني سويف تمثل نموذجًا رائدًا لتطبيق هذه المبادرة، بفضل التكامل بين المزارعين، وجمعيات الزراعة العضوية، وشركات القطاع الخاص، بما يدعم توجه الدولة نحو الاقتصاد الأخضر وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.

دعم حكومي وتحول زراعي شامل

من جانبه، أكد علاء عزوز، رئيس قطاع الإرشاد الزراعي، أن وزارة الزراعة تولي اهتمامًا خاصًا بالتوسع في الزراعة العضوية والنظيفة، وتطبيق الممارسات الزراعية الجيدة، وتحسين كفاءة استخدام المياه والطاقة، بما يتماشى مع المعايير الدولية للأسواق التصديرية.

وأوضح أن الوزارة تعمل على تعزيز الشراكات البحثية والتعليمية بين مراكز البحوث والجامعات، لإنتاج تقاوي معتمدة مقاومة للأمراض والجفاف، وتطوير أساليب الزراعة الحديثة والتجفيف الطبيعي، بما يسهم في رفع جودة المنتج الزراعي وزيادة قدرته التنافسية عالميًا، في إطار تنفيذ استراتيجية التنمية الزراعية المستدامة 2030.

كما أشار إلى دعم الوزارة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة في الريف المصري، وتوفير قروض ميسرة بالتعاون مع البنوك الوطنية، خاصة لمشروعات النباتات الطبية والعطرية، إلى جانب التوسع في التصنيع الزراعي، وتبني تقنيات حديثة في التجفيف والتعبئة والتخزين، بما يعزز القيمة المضافة للإنتاج الزراعي.

الزراعة بدون تربة… تجربة استثمارية واعدة

وتبرز الزراعة بدون تربة كأحد أنجح النماذج الحديثة، حيث طبقها المستثمر الزراعي مصطفى الفيومي في إحدى قرى مركز الفشن، موضحًا أن دعم الدولة للاستثمار وتشجيع المصدرين كانا الدافع الرئيسي لإقامة مشروعه على مساحة 1080 مترًا مربعًا كمرحلة أولى، ضمن 13 فدانًا.

وتمكن المشروع من إنتاج نحو 39 ألف نبات من الخضر الورقية في الدورة الزراعية الواحدة، اعتمادًا على بذور مستوردة عالية الجودة، ودون استخدام مبيدات، ومن أبرز المنتجات خس الأوكليف الأحمر والأخضر، مع الاستعداد لزراعة السبانخ والكيل والجرجير، فضلًا عن إمكانية التوسع في محاصيل ثمرية وفاكهية مثل الطماطم والفلفل الملون والفراولة.

شروط الزراعة العضوية وأهم مميزاتها

بدوره، أوضح المهندس الزراعي محمود حمدان أن الزراعة العضوية تقوم على أسس واضحة، أبرزها عدم استخدام الأسمدة الكيماوية أو المبيدات المصنعة أو منظمات النمو، والاعتماد على البدائل الحيوية ومركبات النحاس في مقاومة الآفات، إلى جانب استخدام الكمبوست المتحلل لتخصيب التربة.

وأشار إلى أن الصوبات الزراعية العضوية في بني سويف تسهم في تلبية احتياجات السوق المحلي، وترشيد استهلاك مياه الري، مع توجه عدد متزايد من المزارعين نحو التصدير، لافتًا إلى أن الزراعة بدون تربة تتيح زراعة ما بين 150 و200 نبات من الخضر الورقية في المتر المربع الواحد، مقارنة بنحو 12 نباتًا فقط في الزراعة التقليدية.

توفير المياه وزيادة الإنتاج

وأكد المهندس الزراعي عبدالله محمد، مشرف بأحد المشروعات الزراعية النظيفة، أن الزراعة بدون تربة توفر نحو 95% من مياه الري، حيث يعادل إنتاج 1000 متر مربع منها إنتاج فدان وربع من الزراعة التقليدية، مع تقنين كميات الأسمدة بدقة، وتقليل الفاقد الذي يصل في الزراعة التقليدية إلى نحو 40%.

وأضاف أن هذا النمط الزراعي يقلل الحاجة إلى المبيدات، ويخفض الأيدي العاملة، ويزيد الإنتاجية، مع قِصر دورة الزراعة التي لا تتجاوز 40 يومًا، ما يجعل الزراعة العضوية والزراعة بدون تربة خيارًا استراتيجيًا لمستقبل الزراعة في مصر.