”ديدان الأرض”.. جواهر خفية تحت التربة تعزز الإنتاج وتحافظ على البيئة
أوضح الدكتور خالد فتحي سالم، أستاذ بيوتكنولوجيا المحاصيل بجامعة السادات والحاصل على دكتوراه في تربية النبات والوراثة من جمهورية ألمانيا الاتحادية، أنه
في الوقت الذي ينشغل فيه كثيرون بمكافحة الحشرات والآفات الزراعية، يغفل البعض عن أحد أعظم الحلفاء الطبيعيين للزراعة: دودة الأرض. هذا الكائن البسيط الذي يبدو غير مثير للانتباه، يلعب دورًا محوريًا في الحفاظ على خصوبة التربة وتعزيز إنتاجية المحاصيل.
و أكد الدكتور خالد فتحي سالم، أن ديدان الأرض ليست ضارة كما يعتقد البعض، بل تُعدّ من أهم الكائنات الحية النافعة للزراعة، مشيرًا إلى أنها تساهم في تحسين جودة التربة، ورفع كفاءة الدورة الزراعية بشكل فعّال.
دودة صغيرة.. بدور عظيم في الزراعة
1. تحسين بنية التربة والتهوية
تحفر ديدان الأرض أنفاقًا دقيقة داخل التربة، ما يساهم في توصيل الهواء والماء إلى أعماق الجذور. هذا النظام الطبيعي يرفع من جودة التهوية ويمنع تجمع المياه، مما ينعكس إيجابًا على صحة النباتات ويقلل من تعفن الجذور.
2. إنتاج سماد طبيعي غني بالمغذيات
من خلال تغذيتها على المواد العضوية وبقايا النباتات، تقوم ديدان الأرض بإفراز تربة عضوية محسّنة غنية بالعناصر الحيوية مثل النيتروجين، الفوسفور، والبوتاسيوم، وهي مغذيات أساسية تدعم النمو السليم للمحاصيل.
3. زيادة الإنتاجية الزراعية
أظهرت الدراسات – وفقًا للدكتور سالم – أن التربة الغنية بديدان الأرض يمكن أن تؤدي إلى زيادة في إنتاج المحاصيل تصل إلى 25%، نتيجة تحسين امتصاص النباتات للعناصر الغذائية.
4. تنشيط الكائنات الدقيقة المفيدة
وجود ديدان الأرض يعزز من النشاط الميكروبي النافع في التربة، وهو ما يخلق بيئة متوازنة وصحية تساعد على مقاومة الآفات والأمراض النباتية دون الحاجة إلى تدخلات كيميائية ضارة.
5. مؤشر حيوي لصحة التربة
الكثافة العالية من ديدان الأرض في التربة تُعتبر علامة واضحة على جودتها، حيث تشير إلى توازن الرطوبة ووجود مواد عضوية كافية وتهوية جيدة. على الجانب الآخر، غيابها يُعد مؤشرًا على تدهور خصوبة التربة واحتياجها إلى إصلاح عاجل.
6. دور بيئي متكامل
لا تتوقف أهمية ديدان الأرض عند حدود الزراعة، بل تمتد إلى النظام البيئي ككل، إذ تُعد مصدرًا غذائيًا رئيسيًا للعديد من الكائنات مثل الطيور والحشرات المفيدة، مما يدعم استقرار السلاسل الغذائية الطبيعية.
رسالة للمزارعين
في ضوء هذه الحقائق، يدعو الدكتور خالد فتحي سالم المزارعين إلى عدم التخلص من ديدان الأرض أو اعتبارها آفة، بل التعامل معها كأصل من أصول التربة لا يقل أهمية عن البذور أو المياه. وينصح بالحفاظ على رطوبة التربة وتغذيتها بالمواد العضوية لضمان بيئة مثالية لنمو الديدان، وبالتالي زيادة جودة وإنتاجية المحصول.
وأضاف أن ديدان الأرض ليست مجرد كائنات زاحفة تحت السطح، بل شركاء أساسيون في الإنتاج الزراعي المستدام. وجودها يعني تربة حية، بيئة صحية، ومحصول وفير. وفي ظل تحديات المناخ والموارد، ربما تكون العودة إلى هذه المساعدات البيولوجية هي الخطوة الأكثر ذكاءً نحو مستقبل زراعي أفضل.
