الأرض
الخميس 7 أغسطس 2025 مـ 10:02 مـ 12 صفر 1447 هـ
موقع الأرض
رئيس مجلس الإدارةخالد سيفرئيس التحريرمحمود البرغوثيالمدير العاممحمد صبحي

تعرف على خطة الدولة لمحاربة الغش الغذائي في الأسواق

 الغش الغذائي في الأسواق
الغش الغذائي في الأسواق

أكد الدكتور مجدي محمد إسماعيل، الباحث بقسم بحوث تكنولوجيا الألبان بمعهد بحوث الإنتاج الحيواني – مركز البحوث الزراعية، أن تأمين الغذاء الكافي والآمن لم يعد ترفًا تنمويًا، بل واجبًا قوميًّا، حيث تتبنى الدول سياسات زراعية واقتصادية متقدمة تهدف إلى توفير الغذاء السليم لجميع المواطنين، في أي وقت، وبأي مكان.

الغذاء الآمن، كما يوضح، يجب أن يحتوي على جميع العناصر الغذائية الأساسية: البروتينات، الدهون، الكربوهيدرات، الفيتامينات، المعادن، الألياف، الإنزيمات، والماء، وهذا التوازن هو ما يضمن التغذية السليمة، التي تشكل القاعدة الأساسية لبناء الإنسان واستقرار المجتمعات.

التلوث الخفي... عدو الغذاء في الحقول والمصانع

الغذاء الطبيعي المستمد من النبات والحيوان قد يفقد جزءًا من قيمته أو يتحول إلى مصدر خطر، إذا تسلل إليه التلوث، سواء الكيميائي أو البيئي، خلال مراحل التداول أو التخزين أو التصنيع. ويزداد الخطر مع غياب الرقابة وغياب التخطيط البيئي في مشروعات الإنتاج الغذائي، لا سيما حين يتم إنشاء هذه المشروعات قرب مصادر للتلوث الصناعي، دون دراسة أثرها البيئي على الماء أو الهواء أو التربة.

ويُحذر الدكتور إسماعيل من أن الاستخدام العشوائي للمبيدات والأسمدة الكيماوية، والتوسع في المضافات الغذائية كالملونات والنكهات والمواد الحافظة، أدى إلى فقدان الكثير من الأغذية لخصائصها الطبيعية، ما جعل الحاجة إلى تشريعات غذائية صارمة ضرورة لا تحتمل التأجيل.

الرقابة تبدأ من التصنيف الغذائي

لفرض رقابة فاعلة، لا بد أولًا من تصنيف الأغذية، وهو ما يُسهل مهمة الجهات الرقابية في التفتيش، وسحب العينات، وتطبيق المواصفات الفنية. وتنقسم الأغذية إلى:

1. حسب النوع:

الحبوب والبقوليات: أقل عرضة للتلف، لكن تتأثر بالرطوبة والآفات.

الخضر والفاكهة: سريعة التلف، تتطلب تبريدًا خاصًا خصوصًا الطازجة منها.

الألبان ومنتجاتها: حساسة للتلوث الميكروبي، تحتاج تخزينًا خاصًا.

اللحوم: أكثر المنتجات عرضة للتلف، يجب حفظها بالتبريد أو التجميد.

المشروبات، الزيوت، التوابل، الحبوب الزيتية: تحتاج إلى عناية خاصة بالتعبئة والتخزين.

2. حسب ظروف التخزين:

الأغذية المجمدة: تحفظ تحت درجة حرارة -18° مئوية.

الأغذية المبردة: تخزن في درجات بين 0 و8° مئوية.

هذا التصنيف هو ما يُمكّن الرقابة من ضمان تداول الغذاء وفقًا للشروط الصحية السليمة.

تحولات اقتصادية تستدعي يقظة رقابية

مع الانفتاح العالمي وتحرر الأسواق، تسارعت حركة السلع الغذائية من الإنتاج إلى التصنيع والتسويق، ما وضع المستهلك في مواجهة مباشرة مع أخطار قد لا يُدركها.
وقد دفعت هذه التحولات الدول إلى ربط الرقابة الغذائية بالبرامج الاقتصادية والاجتماعية، لضمان الحماية من:

التلوث الكيمائي والبيولوجي.

المضافات الصناعية الخطرة.

تأثيرات المواد الهرمونية والمهجنة.

الأمراض المنتقلة من الحيوان للإنسان.

الهدف لم يعد فقط ضمان غذاء سليم، بل تأمين صحة مستدامة للمجتمع كله.

من المؤتمرات إلى المواثيق... العالم يتحرك لحماية غذائه

في ثمانينيات القرن الماضي، أطلقت الأمم المتحدة ومنظمة الأغذية والزراعة (FAO) عدة مبادرات هدفت إلى:

القضاء على الجوع والمجاعة.

خفض وفيات الأطفال الناتجة عن سوء التغذية.

مكافحة الأمراض الغذائية الحادة.

تحسين الأمن الغذائي للدول النامية.

وتم تعزيز هذه الجهود عبر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (1948)، الذي نص في مادته 25 على أن "لكل فرد الحق في مستوى معيشة كافٍ يضمن له ولأسرته الصحة والرفاه، بما في ذلك الغذاء والرعاية الطبية".

الرقابة في المستقبل… نحو منظومة شاملة لحماية المستهلك

اليوم، ومع توسع استخدام التكنولوجيا في الغذاء – من الإشعاع لحفظ الأغذية، إلى المواد المعدلة وراثيًا – أصبح من الضروري:

مراقبة الأغذية المعالجة بالإشعاع وتحديد ضوابطها.

وضع قوانين صارمة لحماية الأعلاف الحيوانية من السموم أو المواد الخطرة مثل "الدايوكسين" أو "الهرمونات".

التنسيق بين الجهات البيطرية والزراعية والصحية لمكافحة الأمراض المشتركة بين الإنسان والحيوان.

اعتماد مواصفات الأيزو ودستور الأغذية العالمي (Codex)، لضمان مواكبة المعايير الدولية في تجارة الغذاء.

حماية المستهلك… مسؤولية تشاركية

ليس على الجهات الرقابية وحدها أن تخوض هذه المعركة، بل على المواطن والمجتمع المدني أن يكونا طرفًا فاعلًا في منظومة الحماية.
فالثقافة الغذائية، والوعي بمخاطر الغش والتلوث، والحرص على مصادر الغذاء النظيف، كلها أدوات تُقلل من المخاطر وتُعزز من جودة الحياة.

الغذاء ليس سلعة فقط، بل أمن وطني

الرقابة الغذائية لم تعد مسألة فنية أو إدارية فقط، بل قضية أمن قومي وصحي ترتبط مباشرةً بالاستقرار الاجتماعي والسياسي للدول.