موجة انخفاض جديدة تهدد صغار مربي الدواجن

قال عبد العزيز السيد، رئيس شعبة الثروة الداجنة، شهدت أسواق الدواجن خلال الأيام الماضية تحولًا لافتًا في حركة الأسعار، إذ بدأت مؤشرات الانخفاض تظهر بوضوح بعد فترة طويلة من الارتفاعات المتتالية التي أثقلت كاهل الأسر المصرية، وفرضت ضغوطًا متزايدة على ميزانيات البيوت، خاصة في ظل تقلبات الأسعار العالمية للسلع الأساسية.

وأوضح "السيد"، أن هذا التراجع، الذي مثّل بارقة أمل للمستهلكين، لا يخلو من تداعيات مقلقة على الطرف الآخر من المعادلة؛ حيث يعيش صغار المربين وأصحاب المزارع حالة من القلق المتصاعد، بعدما أصبحت أسعار البيع الحالية تقل عن تكلفة الإنتاج، مما يهدد بقاء واستمرارية هذه الشريحة الأساسية من المنتجين في سوق الدواجن.

أسباب الانخفاض.. معروض مرتفع وطلب ضعيف

وأشار عبد العزيز السيد، رئيس شعبة الثروة الداجنة، أن الانخفاض الأخير في أسعار الدواجن ناتج عن عدة عوامل متداخلة، أبرزها زيادة المعروض مقابل تراجع في الطلب الاستهلاكي، وهو ما خلق حالة من التوازن السلبي في السوق، أثرت بشكل مباشر على تسعير المنتج.

وأشار إلى أن استقرار أسعار الأعلاف خلال الفترة الأخيرة، إلى جانب انخفاض أسعار الكتاكيت، قد ساعد في تحفيز الإنتاج، ما أدى إلى ضخ كميات أكبر من الدواجن في الأسواق. كما ساهمت موجة الحر الشديدة في تسريع دورة البيع لدى المربين، الذين يسعون إلى تصريف الإنتاج قبل تعرضه لنفوق بسبب ارتفاع درجات الحرارة.

الأسعار بين المزرعة والتجزئة.. فجوة مستمرة

ولفت أن سعر كيلو الدواجن تسليم مزرعة يبلغ حاليًا 63 جنيهًا، بينما يصل سعره للمستهلك النهائي في منافذ التجزئة إلى ما بين 74 و78 جنيهًا، وهو ما يعكس استمرار الفجوة بين سعر المنتج وسعر بيعه في السوق، رغم حالة التراجع العامة في الأسعار.

ورغم ذلك، أشار إلى أن ضعف القوة الشرائية لدى المواطنين لا يزال عاملًا ضاغطًا، حيث أدى إلى عزوف نسبي عن الشراء، في وقت كان من المفترض أن ينتعش فيه الطلب مع انخفاض الأسعار.

من السوق: انخفاض الأسعار يُنعش حركة البيع

من جانبه، أكد محمد عراقي، صاحب محل لبيع الدواجن، أن السوق شهد بالفعل زيادة في الإقبال من قبل المواطنين خلال الأيام الأخيرة، مشيرًا إلى أن السعر الذي يبيع به الكيلو حاليًا يبلغ نحو 75 جنيهًا، وهو ما يُعد تراجعًا ملموسًا مقارنة بالفترة الماضية.

وأوضح عراقي أن انخفاض الأسعار أنعش حركة البيع والشراء بشكل ملحوظ، وخلق حالة من النشاط التجاري، خاصة بعد فترة من الركود التي سببتها الزيادات المتواصلة في أسعار الدواجن خلال الأشهر السابقة.

مستقبل الصناعة بين الأمل والتحذير

رغم ما تحمله هذه التراجعات من ارتياح نسبي للمستهلك، إلا أن القلق لا يزال قائمًا بشأن مستقبل صناعة الدواجن، لا سيما في ظل استمرار خسائر المربين الذين يتحملون تكاليف إنتاج مرتفعة. فمع استمرار انخفاض أسعار البيع دون الوصول إلى نقطة التعادل أو الربح، فإن الكثير من صغار المنتجين قد يضطرون للخروج من السوق، وهو ما قد يؤدي في المستقبل إلى نقص المعروض وعودة موجة الارتفاعات مجددًا.

ويتطلب هذا الوضع تحركًا متوازنًا من الدولة والجهات المعنية، لضمان حماية المستهلك دون الإضرار بالمنتج، عبر آليات دعم ذكية، وتنظيم واضح لأسعار مستلزمات الإنتاج، وحلول طويلة المدى لحماية واحدة من أبرز ركائز الأمن الغذائي في مصر.