صادرات فول الصويا الأمريكية إلى الصين مهددة بفعل التوترات التجارية وتعزيز التقارب الروسي الصيني

حذرت منظمة التجارة العالمية من أن التوترات التجارية المتصاعدة بين الولايات المتحدة والصين قد تُعرّض صادرات فول الصويا الأمريكية إلى بكين للخطر، مما يفتح المجال أمام تعميق الشراكة الزراعية بين الصين وروسيا.
وفي مقابلة مع وكالة "بلاتس" التابعة لمجموعة "ستاندرد آند بورز"، أكدت إدويني كيسي، مديرة الزراعة والسلع في منظمة التجارة العالمية، أن الصين، كأكبر مستورد للأعلاف في العالم، باتت تركز بشكل متزايد على تنويع مصادرها، وخاصة في ما يتعلق بفول الصويا الذي يُستخدم على نطاق واسع في إنتاج أعلاف الحيوانات.
وأضافت كيسي:
"لقد شهدنا خلال العقد الماضي تحولًا تدريجيًا في اعتماد الصين على البرازيل كمصدر رئيسي لفول الصويا، وهو توجّه مرشح للتصاعد مع استمرار الخلافات التجارية مع واشنطن".
ورغم تخفيف بعض الإجراءات الجمركية مؤخرًا بين الجانبين، إلا أن العلاقات تبقى هشة، وقد تؤثر على استقرار التجارة الزراعية. وأكدت كيسي أهمية استمرار الحوار بين القوتين الاقتصاديتين لتجنب اضطرابات في سلاسل الإمداد الزراعية.
تقارب صيني روسي على خلفية النزاع
أشارت كيسي إلى أن روسيا قد تكون المستفيد الأبرز من هذا النزاع، إذ تسعى الصين لتعزيز وارداتها من الزيوت النباتية والبذور الزيتية من مصادر بديلة، على رأسها روسيا. وتشير البيانات إلى أن الصين تواصل استيراد فول الصويا بكميات كبيرة من البرازيل والولايات المتحدة، إلى جانب استيراد زيت عباد الشمس وزيت بذور اللفت من روسيا.
"إذا استمرت الخلافات التجارية، فمن المرجح أن تعزز الصين علاقاتها الزراعية مع روسيا بشكل أوسع"، بحسب كيسي.
التحديات المناخية والجيوسياسية تضغط على الأمن الغذائي
إلى جانب التوترات التجارية، نبهت كيسي إلى تحديات أخرى تُهدد استقرار الزراعة العالمية، أبرزها التغيرات المناخية الحادة، التي أثرت على غلال المحاصيل وتسببت في تقلص الكميات القابلة للتصدير.
وأضافت أن الظواهر المناخية المتطرفة، إلى جانب النزاعات الجيوسياسية في مناطق مثل أوكرانيا، قد أربكت الأسواق وأجبرت العديد من الدول، خصوصًا في أفريقيا، على البحث عن بدائل جديدة لتأمين وارداتها الغذائية. وقد ساهم استئناف حركة الملاحة في البحر الأسود في تخفيف حدة أزمة الحبوب العالمية.
منظمة التجارة العالمية تركز على الأمن الغذائي
أكدت كيسي أن الأمن الغذائي بات في قلب اهتمامات منظمة التجارة العالمية، خاصة بعد تصاعد معدلات الجوع عالميًا نتيجة جائحة كوفيد-19، والنزاعات، والتغير المناخي، والتباطؤ الاقتصادي.
وأوضحت أن القيود المفروضة على التصدير تُثير قلقًا متزايدًا بين الدول المستوردة، خاصة الأكثر فقرًا، كما تُثير القيود المؤقتة على الاستيراد مخاوف بشأن وصول الفئات الضعيفة إلى الغذاء.
وشددت كيسي على أن اتفاقيات التجارة الإقليمية يمكن أن تلعب دورًا إيجابيًا في تحسين الأمن الغذائي العالمي وتعزيز التكامل الزراعي بين الشركاء، لكنها ما زالت غير قادرة على معالجة قضايا دعم الإنتاج الزراعي بفعالية، ما يتطلب تعاونًا أوسع تحت مظلة منظمة التجارة العالمية.
واختتمت كيسي بالإشارة إلى أن المؤتمر الوزاري القادم للمنظمة، والمقرر عقده في مارس 2026 في الكاميرون، سيُركّز بدرجة كبيرة على الزراعة والأمن الغذائي كقضيتين محوريتين في النظام التجاري العالمي.