الأرض
الأربعاء 29 أكتوبر 2025 مـ 09:18 مـ 7 جمادى أول 1447 هـ
موقع الأرض
رئيس مجلس الإدارةخالد سيفرئيس التحريرمحمود البرغوثيالمدير العاممحمد صبحي

جنوب أفريقيا تواجه قيودا عالمية مرتقبة على استخدام المياه الزراعية

تستعد المزارع في جنوب أفريقيا لمواجهة مرحلة جديدة من الرقابة العالمية على استهلاك المياه، إذ يتوقع أن تفرض قريبا حدود صارمة على الكميات المسموح باستخدامها في إنتاج المحاصيل، وفقا لما أعلنه مايكل إزميرالدو، المدير الإداري لشركة نتافيم جنوب وشرق أفريقيا، خلال فعالية نظمها معهد إلسنبرج للتدريب الزراعي.

نحو معايير جديدة من "جلوبال جاب"

قال إزميرالدو إن استخدام المياه لا يزال من المجالات الزراعية القليلة التي لم تخضع بعد لقياس دقيق من قبل مؤسسة جلوبال جاب، وهي الجهة الدولية المسؤولة عن وضع معايير الزراعة المستدامة، لكنه يتوقع أن يتغير ذلك خلال السنوات العشر المقبلة.

وأوضح قائلا: "قد تحدد جلوبال جاب قريبا حدا أقصى لكمية المياه المسموح بها لكل محصول. فعلى سبيل المثال، قد يمنع مزارعو الموالح من استخدام أكثر من 750 إلى 800 ملم من المياه إذا أرادوا تصدير منتجاتهم، وإلا فلن تعتبر ممارساتهم مستدامة".

وأضاف أن تغير تفضيلات المستهلكين نحو منتجات موفرة للمياه سيجبر المزارعين على التكيف مع معايير أكثر صرامة، مؤكدا أن الأبحاث أثبتت إمكانية تحقيق الإنتاج نفسه باستخدام كميات أقل من المياه.

الري بالتنقيط يقود التحول في إدارة المياه

تعد أنظمة الري في جنوب أفريقيا من بين الأكثر تقدما في العالم، نتيجة طبيعتها الجافة واعتمادها على التكنولوجيا الحديثة في إدارة المياه.

وأشار إزميرالدو إلى أن الري بالتنقيط يمثل حوالي 18% من إجمالي الري في البلاد، مقابل 5 إلى 6% فقط عالميا، في حين يمثل الري بالغمر 14% محليا مقارنة بـ 40% في مناطق أخرى.

وأظهرت دراسات الصندوق العالمي للطبيعة (WWF) أن الري بالتنقيط يمكن أن يحدث فرقا كبيرا في الحفاظ على الموارد المائية. فهو يوفر ما يصل إلى 41 لترا من المياه لكل كيلوجرام من عنب النبيذ، و39 لترا لعنب المائدة، و21 لترا للتفاح، و19 لترا للموالح، و117 لترا للوز.

وفي مزرعة تبلغ مساحتها 50 هكتارا، يمكن أن يصل التوفير إلى عشرات الآلاف من الأمتار المكعبة من المياه كل موسم.

التقنيات الحديثة... نعمة تحتاج إلى إدارة

تتيح الأدوات الرقمية الحديثة مثل مجسات رطوبة التربة ومحطات الأرصاد الدقيقة مراقبة دقيقة لاستهلاك المياه، غير أن إزميرالدو حذر من أن وفرة البيانات قد تربك المزارعين إذا لم تحلل بشكل متكامل. ودعا إلى تطوير منصات ذكية لتحليل البيانات الزراعية تساعد على اتخاذ قرارات فعالة في الوقت المناسب.

كما شدد على أهمية توفير التمويل لصغار المزارعين لتبني أنظمة كفاءة المياه الحديثة، مشيرا إلى أن البنوك يجب أن توفر قروضا ميسرة لتشجيع التحول إلى الري بالتنقيط، إذ "لا يمكن بيع هذه الأنظمة لاحقا كالأصول الأخرى، لكنها توفر قيمة طويلة الأمد في كفاءة الإنتاج".

المساءلة والصيانة أساس الاستدامة

واختتم إزميرالدو تصريحه بالتأكيد على أن معظم فاقد المياه لا يعود إلى أساليب الري نفسها، بل إلى تسرب الأنابيب وضعف الصيانة. ودعا إلى محاسبة المزارعين الذين يتجاوزون حصص المياه المخصصة لهم، معتبرا أن إدارة الموارد المائية بدقة ليست خيارا، بل ضرورة وجودية في مستقبل الزراعة بجنوب أفريقيا.