مكافحة الحشائش في القمح.. استراتيجية علمية لحماية المحصول وزيادة الإنتاج
تمثل مكافحة الحشائش في القمح أحد أهم الملفات الزراعية التي تؤثر مباشرة على الأمن الغذائي في مصر، إذ تُعد الحشائش منافسًا شرسًا للمحصول على الماء والعناصر الغذائية والضوء، ما ينعكس سلبًا على كمية الإنتاج وجودة الحبوب. ومع تغير المناخ وتطور النظم الزراعية، بات من الضروري تبني منظومة متكاملة لمواجهة هذه المشكلة، تبدأ قبل الزراعة وتمتد حتى ما بعد الإنبات، لضمان محصول قوي وعائد اقتصادي مرتفع للمزارع.
وأكد الدكتور عادل فكار، وكيل المعمل المركزي لبحوث الحشائش للإرشاد والتدريب بمركز البحوث الزراعية، أن مكافحة الحشائش لم تعد إجراءً واحدًا أو حلًا مؤقتًا، بل أصبحت علمًا قائمًا على التخطيط المسبق والتدخل في التوقيت المناسب، باستخدام وسائل ميكانيكية وزراعية وكيميائية وفق طبيعة كل حقل.
مكافحة الحشائش في القمح تبدأ مبكرًا
أوضح فكار أن نجاح موسم القمح يعتمد بدرجة كبيرة على المعاملات التي تسبق الزراعة، والتي تمثل خط الدفاع الأول ضد انتشار الحشائش، مشيرًا إلى أن التخلص من مخلفات المحصول السابق يُعد خطوة حاسمة، حيث تُجمع بقايا النباتات وتُحرق خارج الحقل للقضاء على بذور الحشائش ومنع انتقال العدوى للموسم التالي.
وأضاف أن الحرث المتعامد للأرض في اتجاهين متعاكسين يساعد على تفكيك التربة وتحسين تهويتها، ويوفر مهدًا مناسبًا لإنبات الحبوب، ما يرفع نسبة الإنبات ويقوي البادرات في مراحل النمو الأولى.
وشدد على أهمية استخدام السماد البلدي تام التحلل، لما له من دور في القضاء على بذور الحشائش الكامنة، والتخلص من الآفات المرضية والحشرية، فضلًا عن سهولة امتصاصه من قبل النباتات الصغيرة وزيادة كفاءة الاستفادة منه داخل التربة.
تقاوي معتمدة ومهد جيد للحبوب
وأشار وكيل المعمل إلى أن إعداد مهد جيد للبذور يضمن تجانس الإنبات ويمنع ظهور فراغات داخل الحقل، والتي غالبًا ما تستغلها الحشائش للنمو والانتشار.
كما أكد أن اختيار التقاوي المعتمدة يمثل عاملًا محوريًا، نظرًا لانخفاض نسبة بذور الحشائش بها، وخلوها من الإصابات الحشرية والمرضية، وقدرتها العالية على الإنبات والتفريع، بما يضمن إنتاجية مرتفعة في نهاية الموسم.
ولفت إلى ضرورة اختيار الصنف المناسب لكل منطقة زراعية، بما يتوافق مع طبيعتها البيئية وقدرته على مقاومة الأمراض، مع الالتزام بمواعيد الزراعة المثلى لتحقيق أفضل أداء للمحصول.
الدورة الزراعية وطريقة الزراعة
وأوضح فكار أن تكرار زراعة القمح في نفس الأرض دون اتباع دورة زراعية يسهم في تفاقم مشكلة الحشائش، خاصة حشيشة الزمير التي تنافس القمح بشدة. وأكد أن إدخال البرسيم ضمن الدورة الزراعية بالتبادل مع القمح يقلل كثافة الزمير بنسبة تصل إلى 85%، إلى جانب تحسين خصوبة التربة بفضل تثبيت النيتروجين.
وأضاف أن طريقة الزراعة تلعب دورًا حاسمًا في الحد من انتشار الحشائش، حيث تُعد الزراعة الحراتي خيارًا مناسبًا في الأراضي شديدة الإصابة، بينما تُفضل الزراعة بالتسطير أو على مصاطب في الأراضي خفيفة الإصابة، لما لها من مزايا في ترشيد المياه وتحسين الصرف وسهولة المكافحة الميكانيكية.
المتابعة بعد الزراعة.. قرار في توقيته
وأشار وكيل المعمل إلى أن فحص الحقول بعد 20 إلى 25 يومًا من الزراعة خطوة لا غنى عنها، لتحديد نسبة الإصابة وأنواع الحشائش، وبناءً عليها يتم اختيار وسيلة المكافحة المناسبة، سواء كانت يدوية أو كيميائية.
وأوضح أن النقاوة اليدوية تُستخدم عندما تكون نسبة الإصابة محدودة، على أن تُجرى مرتين خلال الفترة من 30 إلى 45 يومًا بعد الزراعة، بواسطة عمالة مدربة قادرة على التمييز بين نباتات القمح والحشائش، خاصة حشيشة الزمير.
أما في حالات الإصابة الشديدة، فأكد فكار أهمية اللجوء إلى المكافحة الكيميائية باستخدام المبيدات الموصى بها من وزارة الزراعة، مع الالتزام بالتوقيت والجرعات المحددة، ويفضل مكافحة الحشائش عريضة الأوراق وكذلك الصامة والفلارس قبل رية المحاياة لتحقيق أعلى كفاءة للمبيد.


.jpg)























