تحولات كبرى في تجارة الحبوب والبذور الزيتية خلال 25 عاما
كشف تقرير صادر عن بنك رابوبانك عن التحولات الجذرية التي شهدتها تجارة الحبوب والبذور الزيتية العالمية خلال ربع القرن الماضي، مسلطا الضوء على الانتقال التاريخي في موازين الإنتاج والتجارة من الدول المتقدمة إلى الأسواق الناشئة.
من الغرب إلى الجنوب العالمي.. تحول مراكز الإنتاج والتصدير
في مطلع القرن الحادي والعشرين، كانت الولايات المتحدة تهيمن على صادرات القمح والذرة وفول الصويا عالميا، إلا أن المشهد اليوم تغير بشكل دراماتيكي. فبينما لا تزال واشنطن أكبر مصدر للذرة، تقترب البرازيل بخطوات متسارعة، إذ قفزت صادراتها من 6 ملايين طن قبل 25 عاما إلى 43 مليون طن حاليا.
أما في سوق القمح، فقد تراجعت الولايات المتحدة من المركز الأول بصادرات بلغت 28 مليون طن عام 2000 إلى المركز الخامس بـ 22 مليون طن فقط في موسم 2024/2025، أي نصف ما تصدره روسيا اليوم، التي ارتفعت من 700 ألف طن إلى 45 مليون طن خلال الفترة ذاتها، لتصبح أكبر مصدر للقمح في العالم.
وفي تجارة فول الصويا، تبادلت الولايات المتحدة والبرازيل المراكز، إذ زادت صادرات البرازيل من 15 إلى 112 مليون طن، متجاوزة الولايات المتحدة التي تصدر حاليا 45 مليون طن فقط.
التحول في أنماط الاستيراد.. من أوروبا إلى آسيا وأفريقيا
يظهر التقرير أن خريطة الاستيراد تغيرت هي الأخرى بشكل لافت. ففي عام 2000، كان الاتحاد الأوروبي أكبر مستورد لفول الصويا والقمح، واليابان أكبر مشتر للذرة. أما اليوم، فقد تغير المشهد جذريا:
الصين باتت أكبر مستورد لفول الصويا عالميا،
مصر تصدرت واردات القمح،
المكسيك أصبحت أكبر مستورد للذرة.
كما ارتفعت واردات القمح في جنوب شرق آسيا نتيجة تحول المستهلكين نحو الخبز والمعجنات بدلا من الأرز التقليدي، في مؤشر على تغير الأنماط الغذائية في المنطقة.
نظرة إلى المستقبل.. أفريقيا في مركز النمو القادم
يتوقع رابوبانك أن تشهد أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى طفرة في الطلب على الحبوب، خصوصا القمح، مدفوعة بالنمو السكاني السريع وتحسن مستويات الدخل. فقد تضاعف استهلاك القمح في دول مثل كينيا ونيجيريا والسودان ثلاث مرات خلال 25 عاما، ومن المتوقع أن يستمر الارتفاع حتى عام 2050 مع توسع الطلب على منتجات الدقيق والمخبوزات.
في المقابل، من المرجح أن يتباطأ نمو واردات الصين من فول الصويا مع استقرار الطلب الداخلي، بينما يتوقع أن تتزايد الواردات في جنوب شرق آسيا والشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ما يعيد رسم خريطة تدفقات التجارة الزراعية مرة أخرى.
تحديات غير متوقعة تلوح في الأفق
يحذر التقرير من أن مستقبل تجارة الحبوب سيظل عرضة لعوامل غير متوقعة، تشمل تغير المناخ، والاضطرابات الجيوسياسية، والصراع بين الحمائية الاقتصادية والتجارة الحرة، وهي عوامل قد تعيد تشكيل خريطة الإنتاج والاستهلاك العالمي مجددا خلال العقود المقبلة.


.jpg)























