الأرض
السبت 4 أكتوبر 2025 مـ 10:08 مـ 11 ربيع آخر 1447 هـ
موقع الأرض
رئيس مجلس الإدارةخالد سيفرئيس التحريرمحمود البرغوثيالمدير العاممحمد صبحي

كيف تهدد التغيرات المناخية محصول الطماطم العالمي؟

أشار معهد بحوث البساتين إلى أن محصول الطماطم يُعد من الركائز الأساسية في الأمن الغذائي والاقتصاد الزراعي العالمي، لما يمتلكه من قيمة غذائية عالية واستخدامات صناعية واسعة. ولكن، في ظل التغيرات المناخية المتسارعة، أصبح مستقبل زراعة هذا المحصول الحيوي مهددًا، ما يستوجب تطبيق سياسات زراعية ذكية وتقنيات متقدمة لضمان الاستدامة.

قيمة غذائية استثنائية تدعم الصحة العامة

بحسب معهد بحوث البساتين، تُعد الطماطم مصدرًا غنيًا بالفيتامينات والمعادن الحيوية، وعلى رأسها فيتامين C الذي يعزز المناعة، وفيتامين A الضروري لصحة العين والجلد، بالإضافة إلى فيتامين K، والبوتاسيوم، والفولات. ويمثل مركب "الليكوبين"، الصبغة المسؤولة عن اللون الأحمر للطماطم، أحد أقوى مضادات الأكسدة الطبيعية، حيث يلعب دورًا وقائيًا مهمًا ضد أمراض القلب وأنواع عديدة من السرطان، خاصة سرطان البروستاتا والثدي.

ولا تقتصر فوائدها على ذلك، إذ تحتوي الطماطم أيضًا على ألياف غذائية تساعد في تحسين عملية الهضم وتنظيم مستويات السكر في الدم، ما يجعلها طعامًا مثاليًا لمختلف الفئات الصحية.

ركيزة اقتصادية وفرص عمل مستدامة

أكد معهد بحوث البساتين أن الطماطم تُعد مصدر دخل أساسي لملايين المزارعين حول العالم، وتمثل حلقة وصل اقتصادية بين الزراعة والصناعة. فهي توفر وظائف في جميع مراحل الإنتاج: من الزراعة والحصاد، مرورًا بالتعبئة، وصولًا إلى التصنيع والتسويق. وتمتاز بإمكانية زراعتها في البيوت المحمية، ما يسمح بإنتاجها على مدار العام، وهو ما يعزز استقرار سلاسل الإمداد الغذائي.

صناعة الطماطم: من الحقل إلى السوق العالمية

تُستخدم الطماطم، وفقًا لـالمعهد، كمادة خام في إنتاج معجون الطماطم، الكاتشب، الصلصات، العصائر، والطماطم المجففة والمجمدة. وتُسهم هذه الصناعات في إطالة صلاحية المحصول وتوسيع نطاق استهلاكه خارج مواسم الإنتاج الطازج، كما تُعد من أبرز السلع التصديرية التي تدعم الميزان التجاري للدول المنتجة.

وتحظى الطماطم بمكانة مركزية في قطاع خدمات الطعام العالمي، ما يعزز من دورها في تشكيل الثقافة الغذائية في مختلف المجتمعات.

خضروات أم فاكهة؟ التسمية العلمية تفصل الجدل

أوضح معهد بحوث البساتين أن تصنيف الطماطم علميًا يقع ضمن "الخضروات"، نظرًا لأنها تُزرع كنبات عشبي موسمي يعيش لأشهر معدودة، على عكس الفواكه التي تُنتج غالبًا من أشجار معمرة.

تحديات مناخية تفرض حلولًا دقيقة واستباقية

في مواجهة آثار التغيرات المناخية، قدّم المعهد حزمة من الإرشادات الزراعية لضمان جودة وكفاءة إنتاج الطماطم، تمحورت حول عدة محاور رئيسية:

1. الوقاية من الأمراض الفطرية

استخدام الكبريت الميكروني كرذاذ أو تعفير للتقليل من الأمراض الفطرية. مع العلم أن الكبريت يُسرّع من نضج اللون الخارجي، لكنه قد يؤدي إلى لون داخلي باهت.

2. معالجة ظاهرة "عفن الطرف الزهري"

ظاهرة ناتجة عن نقص الكالسيوم في قمة الثمرة، غالبًا بسبب انخفاض درجات الحرارة أو ارتفاع ملوحة التربة. ويوصي المعهد برش خليط الكالسيوم والبورون بمعدل 1–2 كجم لكل 200 لتر ماء كل 15 يومًا.

3. أهمية العناصر الصغرى والبرد والحرارة

في الأجواء الباردة، يعمل البورون على تسهيل عملية التلقيح، فيما تلعب العناصر الصغرى، مثل الزنك، الحديد، والمنجنيز، دورًا في تعزيز التمثيل الضوئي والإنزيمات الأساسية للنمو.

أما عند ارتفاع درجات الحرارة إلى ما فوق 35 درجة مئوية، فقد نصح المعهد بما يلي:

اختيار الهجن القادرة على تحمل الحرارة.

تقليل الفترات الزمنية بين الريات.

زراعة محاصيل مثل الذرة بين صفوف الطماطم لتوفير الظل.

ما قبل الحصاد: بين التسريع والتأثيرات الجانبية

لوحظ أن بعض المزارعين يعمدون إلى تعفير الطماطم بالكبريت قبل الحصاد لتعجيل احمرار الثمار، بهدف اللحاق بالأسعار المرتفعة في السوق. لكن المعهد حذر من هذه الممارسة، لما لها من أثر سلبي على لون اللب الداخلي للثمرة، ما قد يؤثر على جودة المنتج.

التغير المناخي يهدد استدامة الطماطم: الحاجة لسياسات ذكية

حذّر معهد بحوث البساتين من أن التغيرات المناخية تمثل تهديدًا وجوديًا لزراعة الطماطم، ما يتطلب جهودًا بحثية وتكنولوجية مكثفة، وتبني ممارسات زراعية مستدامة، لضمان استمرارية الإنتاج وجودته. وتشمل هذه الجهود تحسين الهجن، تطوير تقنيات ري فعالة، وتعزيز استخدام الأسمدة الحيوية، بما يضمن استدامة هذا المحصول الحيوي لأجيال المستقبل.

خلاصة

محصول الطماطم ليس مجرد مكون غذائي، بل هو ركيزة اقتصادية، وصناعية، واستراتيجية في مواجهة التحديات المناخية. ومن خلال التوصيات العلمية المقدمة من معهد بحوث البساتين، يمكن بناء خارطة طريق تضمن استدامة هذا المورد الحيوي، وتحصينه من مخاطر بيئية متزايدة تهدد الأمن الغذائي العالمي.