الأرض
الأربعاء 24 سبتمبر 2025 مـ 07:45 مـ 1 ربيع آخر 1447 هـ
موقع الأرض
رئيس مجلس الإدارةخالد سيفرئيس التحريرمحمود البرغوثيالمدير العاممحمد صبحي

هل تنقذ التكنولوجيا الزراعة المصرية؟ متخصص يجيب

التكنولوجيا في الزراعة
التكنولوجيا في الزراعة

أكد الدكتور جمال صيام، أستاذ الاقتصاد الزراعي بجامعة القاهرة، أن الزراعة المصرية لم تعد تملك رفاهية الاختيار بين التحديث أو الاستمرار بالأساليب التقليدية، بل تواجه مفترقًا حادًا: إما التحول للتكنولوجيا الزراعية الذكية والمستدامة، أو مواجهة كارثة غذائية ومائية محققة.

جاء ذلك خلال المؤتمر السنوي للجمعية المصرية للاقتصاد الزراعي، والذي حمل عنوان "التقدم التكنولوجي في الزراعة المصرية في ظل التحديات المستقبلية"، حيث ناقش المتخصصون واقع الزراعة في مصر في ظل تزايد الضغوط على الموارد الطبيعية، خاصة المياه، مقابل تزايد السكان وتغير المناخ وسد النهضة.

ثلاثية الخطر: السكان، المناخ، والسدود

بحلول عام 2050، يُتوقع أن يصل عدد السكان في مصر إلى 156 مليون نسمة، ما سيؤدي إلى ارتفاع حاد في الطلب على الغذاء والمياه. وفي مواجهة هذه الزيادة، تتضاعف الضغوط نتيجة سد النهضة والسدود الإثيوبية، وتفاقم تأثير التغيرات المناخية. وتشير التقديرات إلى أن الطلب على المياه سيزيد بمقدار 14.4 مليار متر مكعب سنوياً، في الوقت الذي تواجه فيه مصر عجزًا فعليًا في مواردها المائية.

وتُضاعف المشروعات القومية، مثل الدلتا الجديدة وتوشكي، هذا الضغط، حيث ستضيف هذه التوسعات 4 ملايين فدان جديدة تحتاج إلى 16 مليار متر مكعب من المياه، ما يرفع إجمالي المساحة المزروعة إلى 13.8 مليون فدان.

التكنولوجيا: طوق النجاة الأخير

أوضح الدكتور صيام أن التقدم التكنولوجي يمثل الخيار الوحيد القابل للتنفيذ لتعزيز الإنتاجية وترشيد استهلاك المياه. إذ يمكن لرفع معدل نمو الإنتاجية الكلية لعناصر الإنتاج بنسبة 2% سنويًا، أن يُعوّض الآثار السلبية للعجز المائي المتوقع.

في قطاع القمح، على سبيل المثال، أدت التكنولوجيا إلى خفض المساحة المزروعة من 7.5 إلى 3.3 مليون فدان، وخفض استهلاك المياه من 16.2 إلى 7.3 مليار متر مكعب، مع الحفاظ على الإنتاج البالغ 9 ملايين طن سنوياً.

أما في قطاع الألبان، فقد أدى استبدال الأبقار "البلدية" بأبقار "الخليط" إلى إنتاج نفس كمية الحليب باستخدام 70% أقل من الموارد العلفية، وتوفير مياه ري تكفي لزراعة 360 ألف فدان من البرسيم، بقيمة تتجاوز 44 مليار جنيه سنويًا.

حلول عملية.. وتقنيات واعدة

يمتد نطاق التكنولوجيا ليشمل:

أنظمة الري الحديثة (التنقيط والرش): توفر 30-50% من المياه

الزراعة الرقمية: استخدام الطائرات المسيرة وأجهزة الاستشعار للزراعة الدقيقة

الأصناف المقاومة للجفاف والملوحة

الزراعة بدون تربة (الهيدروبونيك)

الصوب الزراعية المتطورة

دور التعاونيات والتشريعات

أبرز الدكتور صيام أن التعاونيات الزراعية هي القناة الأنسب لنقل هذه التقنيات إلى صغار المزارعين، عبر التدريب والشراء الجماعي والدعم الفني والربط بالأسواق، مشيرًا إلى النموذج الهندي الناجح (تعاونية "أمول" للألبان).

كما شدد على ضرورة إقرار سياسات داعمة، أبرزها:

تخصيص 10% من الاستثمار العام للزراعة (نحو 200 مليار جنيه سنويًا)

رفع الإنفاق على البحث العلمي الزراعي إلى 1% من الناتج الزراعي المحلي

تحديث القوانين المنظمة، خصوصًا قانون التعاونيات

التركيز على التنمية الرأسية لتعظيم الإنتاجية بدلًا من التوسع العشوائي

خلاصة

الزراعة المصرية تواجه تحديًا مصيريًا، ولم تعد التكنولوجيا خيارًا إضافيًا، بل شرطًا للبقاء. إن تبني الأساليب الحديثة والتكنولوجيا المتطورة بات ضرورة ملحّة لتأمين مستقبل غذائي مستدام، والحد من النزيف المائي، ودعم المزارعين في مواجهة موجات التغير المناخي والضغوط الديموغرافية.