إنتاج أعلاف متطورة من نفايات اللحوم والأسماك

بدأ قطاع تنمية الثروة الحيوانية، رسميًا تنفيذ مشروع طموح لتدوير مخلفات مصانع اللحوم والأسماك ومجازر الدواجن، وتحويلها إلى أعلاف مغذية تستخدم في تغذية الدواجن والأسماك.
يأتي هذا المشروع في إطار توجه الدولة نحو اقتصاد دائري يقلل من الهدر، ويحول النفايات إلى قيمة مضافة تخدم قطاعات الزراعة والإنتاج الحيواني.
آلية متطورة تعتمد على التكنولوجيا والتوفير
بحسب ما أعلنه قطاع تنمية الثروة الحيوانية والداجنة التابع لوزارة الزراعة، فإن المشروع يستند إلى تقنيات حديثة تُستخدم في مصانع تدوير متخصصة. تبدأ العملية بجمع المخلفات عبر سيارات مجهزة تضمن نقلها وفق معايير السلامة، دون تخزين أو تعرض للتلف، ليتم تحويلها مباشرة إلى وحدات الطهي الصناعية المعروفة باسم "كوكر".
تتكون هذه المعدات من حلتين: داخلية توضع فيها المخلفات، وخارجية يُمرر خلالها بخار ساخن ناتج عن غلايات بخارية. ويُسخن البخار تحت ضغط استاتيكي يصل إلى 3 بار، لترتفع درجة حرارة المواد داخل الحلة الداخلية إلى ما بين 150 و180 درجة مئوية، مما يؤدي إلى تكسير الأحماض الأمينية وتحويل البروتينات إلى صورة سائلة غنية بالعناصر الغذائية.
تحول المخلفات إلى بودرة علف عالية القيمة
عقب الانتهاء من مرحلة التسخين، يُخفض الضغط تدريجيًا إلى الصفر، لتبدأ مرحلة التجفيف التي تستمر من أربع إلى ست ساعات. بعد ذلك تُحوّل المادة إلى بودرة، وتُعالج على جهاز هزاز لفصل الشوائب، ثم تُغربل وتُطحن لتصبح جاهزة للاستخدام كمكون أساسي في صناعة الأعلاف.
وتوضح البيانات الرسمية أن هذه العملية تنتج نحو 2.25 طن من العلف لكل 9 أطنان من المخلفات، وهو معدل إنتاج جيد يعزز من مردودية المشروع من حيث الكفاءة الاقتصادية والبيئية.
أبعاد بيئية واقتصادية للمشروع
لا تقتصر أهمية المشروع على إنتاج أعلاف ذات جودة عالية، بل تمتد لتشمل حماية البيئة من التلوث الناتج عن تراكم مخلفات المصانع والمجازر، فضلًا عن تقليل الاعتماد على المكونات المستوردة في قطاع الأعلاف، مما يخفف الضغط على العملة الأجنبية ويدعم الاقتصاد الوطني.
كما يسهم المشروع في توفير المياه والطاقة عبر إعادة تدوير مياه التكثيف الناتجة عن عملية التسخين، وهو ما يعكس اهتمام الدولة بتطبيق ممارسات إنتاج مستدامة تواكب التطورات البيئية العالمية.
نقلة نوعية في إدارة الموارد
يمثل المشروع نموذجًا فعّالًا لتكامل التكنولوجيا مع أهداف التنمية المستدامة، ويعكس توجهًا واضحًا نحو تحويل التحديات البيئية إلى فرص اقتصادية. فبدلًا من أن تُهدر المخلفات، أصبحت تُوظف كمصدر غذائي بديل للثروة الحيوانية والسمكية، ما يفتح آفاقًا جديدة أمام تطوير قطاع الأعلاف وتقليل تكلفته محليًا.
ويُنتظر أن يسهم المشروع في تقوية سلاسل الإنتاج الغذائي، وخفض كلفة تغذية الدواجن والأسماك، ورفع جودة المنتجات الحيوانية، بما يدعم توجه الدولة نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي في قطاع الغذاء.