«الزراعة»: المانجو المصرية مرشحة لقيادة الأسواق الدولية

كشفت وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، في تقرير حديث، عن التوسع الملحوظ في زراعة المانجو بمصر، مؤكدًة أنها لم تعد مجرد فاكهة استوائية للاستهلاك المحلي، بل باتت من المحاصيل الاستراتيجية ذات العائد الاقتصادي المرتفع، في ظل تنامي الطلب العالمي على المنتجات الزراعية المصرية عالية الجودة.
328 ألف فدان على مستوى الجمهورية.. وإنتاج يتجاوز 1.4 مليون طن
أوضح التقرير أن المساحة الإجمالية المزروعة بالمانجو في مصر بلغت 328 ألف فدان، بينها 309 آلاف فدان لمزارع مثمرة ذات إنتاج فعلي. وقد بلغ حجم الإنتاج الكلي من المانجو في الموسم الأخير نحو مليون و430 ألف طن، بمعدل إنتاجية يقدّر بـ 4.6 أطنان للفدان الواحد.
النوبارية في الصدارة.. والإسماعيلية والشرقية من أبرز مناطق الزراعة
تُعد محافظات الإسماعيلية، الشرقية، السويس، البحيرة، وأسوان من أبرز المناطق التي تشتهر بزراعة المانجو في مصر. غير أن الصدارة في متوسط الإنتاجية كانت من نصيب مديرية الزراعة بالنوبارية، التي سجلت إنتاجًا بلغ 8.4 أطنان للفدان، تليها أسوان بمتوسط 6.23 أطنان، ثم الشرقية بـ 5.1 أطنان للفدان.
تنوّع الأصناف.. قوة مصرية على ساحة المنافسة الدولية
يضم التنوع المصري في زراعة المانجو 15 صنفًا محليًا، من بينها: الزبدة، السكري، العويس، الصديقة، فجر كلان، تيمور، لانجرا، الهندي الخاصة، الهندي بسنارة، جولك، بايري، وألفونس. إلى جانب ذلك، تنتشر زراعة 12 صنفًا أجنبيًا في الأراضي المصرية، تشمل أصنافًا مثل الكيت، التومي أتكينز، الكنت، النعومي، R2E2، أوستن، سينشين، كريمسون، بالمير، شيلي، نام دوك ماي، وهايدي.
ظروف مثالية ومناخ داعم للتوسع
بحسب وزارة الزراعة، تمتاز زراعة المانجو في مصر بتوافر ظروف مناخية وبيئية ملائمة، إذ لا تحتاج الشجرة إلى تربة عالية الخصوبة، ما يتيح إمكانية التوسع في المناطق الصحراوية الحديثة. كما أن احتياجات المانجو المائية متوسطة نسبيًا، ويُعد الري بالتنقيط هو النظام الأنسب، بما يتماشى مع توجهات الدولة في ترشيد استهلاك الموارد المائية.
موسم ممتد وموقع استراتيجي يعززان الصادرات
في سياق متصل، أكدت الدكتورة ولاء سمير، الأستاذة بقسم بحوث الفاكهة الاستوائية بمعهد بحوث البساتين، أن مصر تمتلك مقومات فريدة في إنتاج المانجو، مشيرة إلى أن طول الموسم الإنتاجي هو من أبرز نقاط القوة. يبدأ الحصاد من منتصف يونيو في صعيد مصر ويستمر حتى أواخر أكتوبر، ما يتيح تواجدًا مستمرًا للمانجو المصري في الأسواق لفترة زمنية أطول مقارنة بدول منافسة مثل الهند وباكستان.
وأضافت أن قرب مصر الجغرافي من الأسواق الأوروبية والعربية يمنحها ميزة تنافسية قوية، خاصة في تصدير الأصناف المبكرة والملونة، ما يجعل المانجو المصرية مرشحة لقيادة الأسواق التصديرية في الشرق الأوسط وأوروبا إذا ما تم تطوير منظومة التسويق والتعبئة.
تغيرات مناخية تُهدد الإنتاجية.. والحاجة للتأقلم
رغم ما تتمتع به زراعة المانجو من مزايا، إلا أن التحديات المناخية تقف حائلًا أمام الاستفادة الكاملة من هذه الثروة الزراعية. فقد أشار التقرير إلى أن التقلبات المناخية، خصوصًا خلال فصلي الشتاء والربيع، أثّرت بشكل مباشر على فترة التزهير والتلقيح، وأدت إلى تساقط كثيف للثمار في مراحل العقد الأولى.
ويُعزى ذلك إلى موجات الصقيع، والانخفاضات الحادة في درجات الحرارة، والتذبذبات المناخية في فترة الربيع، إلى جانب ارتفاع درجات الحرارة بشكل غير مسبوق خلال شهري مايو ويونيو، والتي تسببت في لسعات شمسية أضعفت المحصول في كثير من المناطق.
مطلوب تدخل عاجل لحماية المحصول وتعزيز التصدير
دعا التقرير إلى تكثيف الإجراءات الوقائية لمواجهة التغيرات المناخية، مع التركيز على تحسين العمليات الزراعية الأساسية مثل التسميد، الري، التقليم، ومكافحة الآفات. كما حذّر من استمرار ضعف المعاملات بعد الحصاد، مثل طرق الجمع والتخزين والتعبئة، وهو ما يؤدي إلى تراجع الجودة وتقليص فرص التصدير، رغم الإمكانات الكبيرة للثمار المصرية في الأسواق الخارجية.
في المحصلة...
زراعة المانجو في مصر لم تعد مجرد نشاط زراعي تقليدي، بل أصبحت قطاعًا واعدًا يحمل بين طياته فرصًا اقتصادية هائلة. وبينما تملك مصر البنية الأساسية والأصناف والتوقيت المثالي والموقع الجغرافي، فإن المستقبل يتوقف على مدى الجدية في تبني حلول مناخية متكاملة، وتحسين سلسلة القيمة من الحقل إلى الأسواق العالمية.
المانجو المصري أمام مفترق طرق: إما أن يتحول إلى أيقونة تصديرية عالمية، أو يفقد فرصته أمام التغيرات المناخية وضعف البنية التسويقية.