النوم بعين مفتوحة وأخرى مغلقة.. آلية ذكية لحماية الدجاج من المخاطر في المزارع

قال الدكتور أحمد الرفاعي، المدرس المساعد بقسم الفسيولوجيا الحيوانية بكلية الزراعة جامعة الأزهر، إن سلوكيات الدجاج ليست عشوائية كما يعتقد البعض، بل تعكس منظومة فسيولوجية وعصبية شديدة التعقيد، تطورت عبر آلاف السنين لضمان البقاء والتكيف مع البيئة المحيطة، وتقليل استهلاك الطاقة، ومواجهة المخاطر المحتملة.

وأوضح الرفاعي أن من أكثر سلوكيات الدجاج إثارة للدهشة نومه بعين مفتوحة وأخرى مغلقة، وهو ما يُعرف علميًا باسم النوم أحادي نصف الكرة المخية (Unihemispheric Slow-Wave Sleep)، حيث يدخل نصف الدماغ في حالة نوم عميق بينما يظل النصف الآخر في حالة يقظة جزئية. وترتبط العين المفتوحة بالنصف النشط من المخ، ما يسمح للدجاج بمراقبة محيطه ورصد أي تهديدات مفاجئة حتى أثناء النوم، في دلالة واضحة على ذكاء فطري تطوري.

سلوكيات الدجاج تكشف أسرار البقاء

وأضاف المدرس المساعد بقسم الفسيولوجيا الحيوانية أن بعض الدجاج قد يُظهر سلوكًا غذائيًا غير مألوف يتمثل في أكل البيض الذي يضعه، مشيرًا إلى أن هذا السلوك لا يحدث عبثًا، بل ينتج عن مجموعة من العوامل المتداخلة، أبرزها نقص العناصر المعدنية الأساسية مثل الكالسيوم والفوسفور، واضطراب التوازن الغذائي، إلى جانب الضغوط البيئية كالتزاحم الشديد، والإضاءة القوية، أو اكتساب السلوك نتيجة كسر البيض بالصدفة ثم اعتياد أكله.

وأشار الرفاعي إلى أن هذه الظاهرة تمثل مشكلة اقتصادية حقيقية في مزارع الدواجن، لما تسببه من خسائر مباشرة في الإنتاج، الأمر الذي يستدعي تحسين نظم التغذية والبيئة داخل العنابر للحد من انتشار هذا السلوك.

وفي سياق متصل، لفت عضو هيئة التدريس بزراعة الأزهر إلى أن ثبات الدجاجة الملحوظ أثناء وزنها على الميزان يُعد من السلوكيات التي تثير استغراب المربين، موضحًا أن ذلك يرجع إلى ما يُعرف باستجابة التجمُّد الدفاعية (Tonic Immobility)، وهي آلية فطرية يلجأ إليها الجهاز العصبي، حيث يتم تثبيط النشاط العضلي مؤقتًا لتقليل الحركة وجذب انتباه المفترسات.

كما أوضح أن الدجاج قد ينام أحيانًا وهو واقف على قدميه، وهو سلوك يرتبط بوجود آلية قفل الأوتار (Tendon Locking Mechanism) في أرجل الطيور، والتي تعمل على تثبيت المفاصل تلقائيًا دون مجهود عضلي يُذكر، ما يسمح له بالنوم أو الوقوف لفترات طويلة دون إرهاق، خاصة على المجاثم.

وأكد الدكتور أحمد الرفاعي في ختام حديثه أن سلوكيات الدجاج تمثل مزيجًا دقيقًا من التكيفات العصبية والفسيولوجية والسلوكية، التي تطورت بمرور الزمن لتساعد هذا الكائن على البقاء، وترشيد الطاقة، والتأقلم مع التغيرات البيئية المختلفة، وهو ما يفتح آفاقًا أوسع لفهم سلوكيات الحيوانات وتحسين إدارة مزارع الدواجن علميًا واقتصاديًا.