الدليل الشامل لزراعة القمح في موسم 2025/2026

قال الدكتور محمد على فهيم رئيس مركز معلومات تغير المناخ، إن الموسم الزراعي الحالي 2025/2026 ليس كغيره من المواسم السابقة، بل يعد بمثابة "اختبار حقيقي" لوعي الفلاح المصري ومدى قدرته على إدارة أرضه وفق المعطيات المناخية الجديدة.
وأكد أن من يزرع بعلم وتخطيط دقيق، سيحصد رزقًا وفيرًا ومحصولًا قويًا رغم كل التحديات.
تقلبات مناخية غير مسبوقة... و"النينو" يعيد ترتيب قواعد الزراعة
يرى "فهيم" أن السنوات الماضية قدمت للمزارع المصري مجموعة دروس قاسية يجب التعلم منها، مشيرًا إلى أحداث بارزة مثل الحرارة المبكرة في 2018، وظهور الصدأ الأصفر في عدة مواسم متكررة، إلى جانب سيول 2020 وشتاءات دافئة ومتقلبة بين 2020 و2024، وصولًا إلى الموسم الحالي، الذي يشهد نشاطًا واضحًا لظاهرة "النينو".
وأوضح أن تأثير "النينو" يُترجم إلى شتاء أكثر برودة، ما يُعدّ من جهة مفيدًا لمحصول القمح، لكنه يزيد احتمالات الإصابة بمرض "الصدأ الأصفر"، إذا لم تتم إدارة الزراعة بشكل علمي دقيق منذ البداية.
التوقيت الذهبي لزراعة القمح: لا مبكرًا ولا متأخرًا
وشدد الدكتور فهيم على أن الفترة المثالية لزراعة القمح هذا الموسم تمتد من 11 إلى 30 نوفمبر، محذرًا من الزراعة في أكتوبر، التي قد تؤدي إلى طرد مبكر للحبوب ونضج ناقص وضعف في الإنتاجية، في حين أن الزراعة المتأخرة خلال ديسمبر ترفع معدلات الإصابات الفطرية وتأثيرات الصقيع وتأخر النمو.
التقاوي المعتمدة فقط... لا مكان لـ"كسر البيت"
أبرز فهيم أهمية استخدام التقاوي المعتمدة من الوزارة فقط، محذرًا من مخاطر ما يُعرف بين المزارعين بـ"كسر البيت"، نظرًا لاحتمالية تأثر حيوية هذه الحبوب نتيجة تغيرات المناخ.
وأضاف أن التقاوي الرسمية هي الضمان الحقيقي لتحقيق إنتاجية عالية وتفادي الخسائر.
خريطة الأصناف بحسب المناطق: الزراعة علم وليست عشوائية
لكل منطقة مناخية أصناف قمح تناسبها. وفي هذا الإطار، دعا فهيم إلى الالتزام الكامل بالخريطة الصنفية التي وضعتها وزارة الزراعة، على النحو التالي:
● وجه بحري:
مصر ٣–٧، جيزة ١٧١، سخا ٩٥–٩٧، سدس ١٤–١٥
● مصر الوسطى:
مصر ٣–٧، جيزة ١٧١، سخا ٩٥–٩٧، بني سويف ٥–٧، سوهاج ٥–٦
● مصر العليا:
مصر ١–٧، جيزة ١٧١، جميزة ١١، بني سويف ٥–٧، سوهاج ٥–٦
● الأراضي الجديدة:
مصر ١–٧، جيزة ١٧١، سخا ٩٥–٩٧، سدس ١٢–١٥، سوهاج ٥–٦
كما أوصى بزراعة صنف "سخا 96" في حالات الزراعة المتأخرة نظرًا لكونه مبكر النضج، ما يجنّب المزارع مشاكل التأخر في الإنبات والنضج.
الزراعة على المصاطب... مفتاح التوفير وزيادة الإنتاج
اعتبر فهيم أن الزراعة على المصاطب هي التقنية الأهم لهذا الموسم، موضحًا أنها تحقق:
توفير 30% من التقاوي
خفض استهلاك مياه الري بنسبة 25%
زيادة الإنتاجية من 10 إلى 25%
ولفت إلى أن استخدام مصاطب مرتفعة بارتفاع 20–25 سم ضروري في الأراضي التي تعاني من ملوحة أو ضعف تصريف مائي.
برنامج ري دقيق لتفادي الرقاد وضعف التفريع
اختتم الدكتور فهيم توصياته بالتأكيد على أهمية إدارة الري بشكل دقيق، موضحًا أن القمح يحتاج إلى 4–5 ريات فقط بجانب رية الزراعة.
وحدد أن أول رية يجب أن تكون بعد 21 يومًا من الزراعة، محذرًا من تعطيش القمح في مرحلة التفريع أو طرد السنابل، ومن الري أثناء فترات الرياح لتجنب ظاهرة الرقاد التي تضر بالمحصول.
الخلاصة: زراعة علمية لموسم استثنائي
في ظل موسم يُتوقع أن يشهد تقلّبات مناخية حادة بفعل "النينو"، لا مكان للزراعة العشوائية أو الاجتهادات الشخصية. الزراعة هذا العام تحتاج إلى قرارات علمية دقيقة، تبدأ باختيار التوقيت المناسب، وتمر باستخدام التقاوي المعتمدة، وتنتهي باتباع الخريطة الصنفية وإدارة الري بوعي. إنها معركة بين الفلاح الواعي والمناخ المتقلب، والرابح هو من يزرع بعلم.