الأرض
الأربعاء 27 أغسطس 2025 مـ 05:37 مـ 3 ربيع أول 1447 هـ
موقع الأرض
رئيس مجلس الإدارةخالد سيفرئيس التحريرمحمود البرغوثيالمدير العاممحمد صبحي

تدهور زراعة القطن بسبب فوضى التسويق والتسعير

شهدت زراعة القطن في مصر تراجعًا حادًا خلال الموسم الزراعي 2024/2025، وسط تحذيرات من انعكاسات خطيرة على الاقتصاد الزراعي والصناعات المرتبطة به.

وأكد الدكتور وليد يحيى، وكيل معهد بحوث القطن بوزارة الزراعة، أن المساحة المزروعة بمحصول القطن هذا الموسم بلغت 190 ألف فدان فقط، مقارنة بـ312 ألف فدان خلال الموسم السابق، بنسبة انخفاض تقارب 39%، في مؤشر وصفه بالـ"مقلق".

مقارنة بالأعوام السابقة: منحنى تنازلي في الأرقام

تشير الإحصاءات الرسمية إلى استمرار تراجع المساحات المزروعة بإحدى أهم المحاصيل الاستراتيجية في مصر خلال السنوات الأخيرة:

في موسم 2022/2023، تم زراعة 338 ألف فدان، بإجمالي إنتاج بلغ 1.94 مليون قنطار زهر، و2.41 مليون قنطار شعر، تم تصدير منها 1.725 مليون قنطار شعر بقيمة 286 مليون دولار.

في موسم 2023/2024، تراجعت المساحة إلى 255 ألف فدان، بإنتاج 1.05 مليون قنطار زهر و1.38 مليون قنطار شعر، وتم تصدير 0.529 مليون قنطار شعر بقيمة 185 مليون دولار.

أما في الموسم الحالي 2024/2025، فقد هبطت المساحة إلى 190 ألف فدان فقط، بإجمالي إنتاج 1.56 مليون قنطار زهر و1.60 مليون قنطار شعر، بينما بلغت صادرات القطن المصري 0.713 مليون قنطار شعر بقيمة 118 مليون دولار، واستقرت استلامات المغازل المحلية عند 349 ألف قنطار شعر.

الأسباب: تسويق غائب وتكلفة مرتفعة

وعن أسباب هذا التراجع اللافت، أوضح الدكتور وليد يحيى أن غياب سياسة تسويقية واضحة طويلة الأمد، وعدم وجود نظام تسعير يحمي المزارع من تقلبات السوق، دفع العديد من الفلاحين إلى العزوف عن زراعة القطن لصالح محاصيل صيفية أخرى أكثر استقرارًا وربحية مثل الذرة، الأرز، وفول الصويا.

كما أشار إلى أن ارتفاع أسعار الفائدة البنكية تسبب في ضغوط كبيرة على التجار، الذين يلجأون للبيع السريع لتجنب تراكم الفوائد، ما يؤدي إلى انخفاض أسعار البيع محليًا ودوليًا، وبالتالي تقليص العائدات من التصدير، وخسارة المزارع جزءًا كبيرًا من أرباحه.

التأثيرات الاقتصادية والفرص المهدرة

يمثل القطن المصري، المعروف عالميًا بجودته الفائقة، ركيزة أساسية في الصناعات النسيجية، ويُعد من أهم مصادر العملة الأجنبية للقطاع الزراعي. إلا أن استمرار الانخفاض في المساحات المزروعة يعكس تحديات خطيرة في المنظومة الإنتاجية والتسويقية، ويهدد بفقدان مصر لمكانتها التنافسية في السوق العالمية، وسط منافسة شرسة من دول أخرى.

دعوات لإعادة النظر في السياسات الزراعية

وفي ظل هذه المعطيات، تتعالى الأصوات داخل القطاع الزراعي بضرورة وضع خطة استراتيجية عاجلة لإعادة إحياء زراعة القطن، تتضمن:

تحديد أسعار ضمان للمزارعين قبل بداية الموسم.

دعم التسويق المحلي والتصديري من خلال منافذ مباشرة.

تشجيع الصناعات النسيجية الوطنية على شراء القطن المحلي.

خفض العبء التمويلي على التجار والمزارعين لضمان استقرار الأسعار.

مستقبل القطن في مصر على المحك

مع استمرار التحديات، يتعين على الدولة إعادة النظر في آليات دعم زراعة القطن، لتأمين مستقبل هذا المحصول الحيوي، وحماية مئات الآلاف من المزارعين والعاملين في سلاسل القيمة المرتبطة به. فاستمرار التراجع دون تدخل فعّال، يعني خسارة مورد استراتيجي، ليس فقط على مستوى الزراعة، بل أيضًا في ميزان المدفوعات والاقتصاد القومي.