زراعة عباد الشمس الزيتى فى جنوب سيناء.. تفاصيل

نجحت وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، من خلال مركز بحوث الصحراء وبالتعاون مع مركز الزراعات التعاقدية، في إدخال زراعة عباد الشمس الزيتي إلى محافظة جنوب سيناء، تحت شعار "بالأمس زرعنا.. واليوم نحصد"، لتبدأ بذلك مرحلة جديدة من التنمية الزراعية المستدامة في واحدة من أكثر المناطق احتياجًا لمشروعات تنموية واعدة.
من التجربة إلى التطبيق: مدارس حقلية تغيّر وجه الزراعة
قاد فريق بحثي من شعبة الدراسات الاقتصادية بمركز بحوث الصحراء جهودًا ميدانية مكثفة، تمثلت في إقامة ثلاث مدارس حقلية بمدينة الطور، عملت كمنصات تعليمية متكاملة استهدفت نقل المعرفة والخبرة إلى المزارعين، ورفع كفاءتهم في التعامل مع محاصيل الزيت، وخاصة عباد الشمس.
المدرسة الأولى ركّزت على تقنيات الحصاد الحديثة باستخدام أفضل الممارسات الزراعية داخل الحقول الإرشادية.
المدرسة الثانية استعرضت سُبل تدوير المخلفات النباتية وتحويلها إلى موارد اقتصادية، مع تعزيز الجانب البيئي من خلال التخلص الآمن من بقايا المحصول.
أما المدرسة الثالثة، فقد دشنت خطة طموحة للتوسع في زراعة المحصول خلال الموسم النيلي، عبر توزيع بذور عباد الشمس الزيتية مجانًا على عدد من المزارعين الجدد.
هذه التجربة لا تقف عند حدود التدريب، بل تتعداها إلى إحداث تغيير ملموس في سلوك المزارعين وتحفيزهم لتبني أنماط إنتاجية حديثة، بما يسهم في استغلال الموارد الطبيعية بكفاءة أعلى، خاصة في المناطق الصحراوية.
رؤية مستقبلية لسد فجوة الزيوت
أكدت الدكتورة إلهام يونس، الباحثة الرئيسية للبرنامج، أن هذه المبادرة تمثل بداية حقيقية لتوسيع نطاق زراعة المحاصيل الزيتية في مصر، مشيرة إلى أهمية التعاقدات المسبقة مع المزارعين، والتي توفر مسارًا تسويقيًا مضمونًا للمحصول، وتحد من المخاطر الاقتصادية التي تواجه صغار المنتجين.
وأضافت أن إدخال عباد الشمس الزيتي إلى جنوب سيناء يفتح آفاقًا جديدة لتقليل الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك في زيوت الطعام، وهي فجوة طالما أثقلت كاهل الميزان التجاري المصري لعقود.
دعم استراتيجي من وزارة الزراعة
من جهتها، أوضحت الدكتورة هدى رجب، رئيس مركز الزراعات التعاقدية، أن المشروع يندرج ضمن خطة أوسع لتفعيل آليات الزراعة التعاقدية في المحاصيل الاستراتيجية، وتحقيق نوع من التكامل بين الإنتاج والتسويق.
وأضافت أن الوزارة تولي اهتمامًا بالغًا بدعم المزارعين في المناطق الحدودية، من خلال تقديم الحوافز الفنية والمادية لرفع معدلات الإنتاج المحلي وتحقيق الأمن الغذائي على المدى الطويل.
خطوة نحو المستقبل
في ظل التحديات العالمية المتعلقة بالأمن الغذائي وتقلبات أسواق الزيوت النباتية، تمثل هذه الخطوة حجر زاوية في بناء نموذج مصري قادر على مواجهة الأزمات وتحقيق الاكتفاء الذاتي. ويبدو أن جنوب سيناء، بهذه التجربة الرائدة، لا تزرع عباد الشمس فحسب، بل تزرع أملًا في مستقبل أكثر استقرارًا وازدهارًا للزراعة المصرية.