الأرض
الأحد 3 أغسطس 2025 مـ 04:33 مـ 8 صفر 1447 هـ
موقع الأرض
رئيس مجلس الإدارةخالد سيفرئيس التحريرمحمود البرغوثيالمدير العاممحمد صبحي

نائب رئيس مركز بحوث الصحراء: البحث العلمي يقود ثورة زراعية في الصحراء

أكد الدكتور محمد عزت، نائب رئيس مركز بحوث الصحراء للمشروعات والمحطات البحثية، أن الجهود الحالية تستهدف تحقيق تكامل زراعي مستدام في البيئات الصحراوية، من خلال الاستخدام الأمثل لوحدة المياه والتربة، والدمج بين زراعة الأشجار والمحاصيل والخضر، إلى جانب تصنيع الأعلاف الحيوانية.

وأوضح أن مشروع استصلاح الأراضي غير التقليدية لا يقتصر على الجانب الإنتاجي فقط، بل يشمل برامج تدريبية للمزارعين والنساء الريفيات لرفع الوعي المجتمعي وزيادة الدخل، بما يتماشى مع رؤية مصر 2030. ويتم تنفيذ هذه البرامج في عدد من المحافظات من بينها الوادي الجديد، وأسوان، وقنا، وسوهاج، ومدينة وادي النطرون.

وفي إطار التوسع الاستراتيجي، أشار عزت إلى أن مشروع "الدلتا الجديدة"، الذي يغطي مساحة تقدر بـ2.2 مليون فدان — أي نحو 30% من مساحة الدلتا القديمة — لا يهدف فقط إلى التوسع الزراعي، بل يضع تصورًا شاملًا لإنشاء مجتمعات عمرانية وصناعية جديدة، تُبنى على قاعدة إنتاجية حديثة.

دور محوري لمحطات البحث

يُشكل العمل الميداني ركيزة أساسية في هذه المنظومة.

وأضاف الدكتور عزت إن محطات المركز في الصحراء، مثل محطة بحوث سيوة، تلعب دورًا محوريًا في تقديم الدعم الفني والمساهمة في مكافحة الآفات الزراعية، خصوصًا تلك التي تهدد أشجار النخيل، مثل سوسة النخيل الحمراء.

وتقوم فرق المركز المتخصصة بالكشف المبكر عن الإصابات، وتوفير الحلول البيئية الفعّالة، وتدريب المزارعين على أساليب المكافحة والحقن، مع استخدام مبيدات تتسم بالكفاءة وقلة التأثير على البيئة. كما تستمر إجراءات المكافحة قبل وبعد التقليم السنوي، لضمان سلامة المحصول والتخلص الآمن من الإصابات.

المستقبل: استراتيجية علمية لمواجهة التحديات

ولفت أنه استجابة لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي بدعم المحاصيل الاستراتيجية، يواصل مركز بحوث الصحراء تطوير أصناف زراعية جديدة، قادرة على التكيف مع الملوحة والجفاف، بما يتناسب مع طبيعة الأراضي الصحراوية والمهمشة.

وأوضح عزت أن المركز حقق تقدمًا ملحوظًا في زراعة القمح بأصنافه الحديثة في مناطق مثل سيناء والساحل الشمالي الغربي ووسط سيناء، وهو ما يعزز قدرة الدولة على الصمود أمام التقلبات المناخية.

وتابع أن العمل لا يقتصر على القمح، بل شمل أيضًا زراعة الشعير، وهو محصول يتحمل الظروف القاسية ويُكمل المنظومة الزراعية في البيئات الصحراوية.

محاصيل غير تقليدية بقيمة استراتيجية

ونوه إلى أن مركز بحوث الصحراء توسع في زراعة محاصيل غير تقليدية مثل التين الشوكي والكسافا، في جنوب الوادي وسيناء وغرب الدلتا. وتتميز هذه المحاصيل بقدرتها على التأقلم مع الظروف المناخية الصعبة، فضلًا عن قيمتها الاقتصادية والتصديرية المرتفعة، ما يجعلها ركيزة في تنويع الإنتاج الزراعي ورفع مستوى الدخل القومي.

وفي خطوة جديدة نحو دعم الفول البلدي، تم استنباط صنفين جديدين هما "مريوط 2" و"مريوط 3"، يتميزان بتحمل الملوحة والتغيرات المناخية، ويُعدان مثاليين للزراعة في الأراضي المستصلحة حديثًا. وقد تم بالفعل زراعة "مريوط 2" على مساحة تجاوزت 11 ألف فدان في جنوب سيناء، موزعة على 16 موقعًا مختلفًا، ومن المتوقع أن تُحقق هذه الأصناف إنتاجية مرتفعة خلال الفترة المقبلة.

رسالة للمستقبل: زراعة مقاومة... واقتصاد مستدام

تشير هذه التحركات إلى التزام وزارة الزراعة والمراكز البحثية بتعزيز الأمن الغذائي من خلال الاستثمار في العلم والتقنية، وتطوير حلول مبتكرة تواكب التحديات البيئية. ويُعد التركيز على المحاصيل الاستراتيجية في المناطق الهامشية أحد أهم مرتكزات التنمية المستدامة، التي تسعى إلى رفع الإنتاجية وزيادة مساهمة القطاع الزراعي في الناتج المحلي الإجمالي.

وأوضح الدكتور محمد عزت، أنه في قلب صحارى مصر، كانت الأرض قاحلة والمياه شحيحة، بدأت ملامح حلم زراعي يتبلور تدريجيًا، مدفوعًا بإرادة سياسية واضحة، ورؤية بحثية علمية تستهدف تحويل التحديات البيئية إلى فرص إنتاجية تدعم الأمن الغذائي وتُعزز الاستقرار المجتمعي.

الماضي: بداية التحول

وأشار: قبل سنوات، لم يكن التوسع الزراعي في المناطق الصحراوية سوى طموح محدود، تحاصره صعوبات الموارد وضعف البنية التحتية. لكن مع إنشاء مركز بحوث الصحراء، بدأت مصر تضع اللبنات الأولى لمشروع وطني يهدف إلى استصلاح الأراضي غير التقليدية، ودمج النظم الزراعية مع التقنيات الحديثة لتطويع البيئة الصحراوية لخدمة الزراعة.

واختتم نائب رئيس مركز بحوث الصحراء، الزراعة في الصحراء لم تعد حلمًا بعيد المنال، بل واقعًا يتشكل يومًا بعد يوم بفضل التخطيط العلمي والتكامل بين الدولة والمجتمع البحثي. ومن المتوقع أن تثمر هذه الجهود مستقبلًا في تحقيق الأمن الغذائي لملايين المصريين، وتحويل الصحراء من عائق بيئي إلى فرصة وطنية لبناء غدٍ زراعي أكثر أمنًا واستدامة.

موضوعات متعلقة