البحوث الزراعية يكشف الأسس العلمية لإنتاج أبصال كبيرة الحجم وعالية الجودة
في إطار الدور البحثي والإرشادي الذي يضطلع به مركز البحوث الزراعية لدعم المزارعين وتحسين إنتاجية المحاصيل الاستراتيجية، يوضح المركز أن الوصول إلى أبصال كبيرة الحجم لا يعتمد فقط على جودة التقاوي أو كميات الأسمدة المضافة، وإنما يرتكز بالأساس على الإدارة السليمة للمراحل الفسيولوجية للنبات، والتوقيت الدقيق للتغذية والري بما يتوافق مع احتياجات النبات في كل مرحلة نمو.
الأساس العلمي لتكوين الأبصال الكبيرة
يؤكد المركز أن حجم البصلة النهائية يرتبط ارتباطًا مباشرًا بعدد الأوراق الخضراء التي يُنتجها النبات خلال مرحلة النمو الخضري، حيث تمثل كل ورقة غلافًا إضافيًا في البصلة. وعليه، فإن تحقيق قاعدة ورقية قوية وصحية يُعد العامل الحاسم في زيادة حجم الأبصال.
مرحلة بناء المجموع الخضري (المصنع الأخضر)
(من الزراعة حتى عمر 60–90 يومًا)
تهدف هذه المرحلة إلى تكوين أكبر عدد ممكن من الأوراق الخضراء القوية القادرة على تصنيع الكربوهيدرات اللازمة لتغذية البصلة لاحقًا.
التوصيات الفنية:
التركيز على التسميد النيتروجيني خلال الثلث الأول من عمر النبات، على أن يتم إضافة نحو 30–40% من الاحتياج الكلي للنيتروجين خلال هذه الفترة، باستخدام مصادر مثل اليوريا أو نترات النشادر.
يساهم النيتروجين في تنشيط الانقسام الخلوي وزيادة تكوين الأوراق.
دعم النبات بالعناصر الصغرى، خاصة:
الزنك لدوره في تكوين الهرمونات النباتية المسؤولة عن النمو.
المنجنيز لتحسين نمو وتشعب الجذور ورفع كفاءة امتصاص العناصر الغذائية.
ويتم ذلك إما بالرش الورقي أو مع التسميد الأرضي.
التأكيد على مكافحة الحشائش والأمراض الورقية خلال هذه المرحلة، حيث يؤدي أي فقد في المساحة الورقية إلى انخفاض مباشر في حجم الأبصال المتكونة لاحقًا.
مرحلة التحول الفسيولوجي المرتبطة بطول النهار
يُعد البصل من النباتات الحساسة لطول الفترة الضوئية، إذ لا يبدأ في تكوين البصلة إلا بعد وصول عدد ساعات الإضاءة اليومية إلى حد معين يُعرف بـ«الطول الضوئي الحرج».
التطبيق العملي في الظروف المصرية:
تُزرع أصناف البصل الملائمة في شهري سبتمبر وأكتوبر، بحيث يكون النبات قد كوَّن مجموعًا خضريًا قويًا يتراوح بين 12 إلى 15 ورقة قبل حلول شهري أبريل ومايو.
مع زيادة طول النهار خلال هذه الفترة، يتلقى النبات الإشارة الفسيولوجية للانتقال من النمو الخضري إلى مرحلة تكوين وتضخيم البصلة.
تنبيه هام:
الزراعة المتأخرة تؤدي إلى دخول النبات مرحلة التحجيم وهو في حالة ضعف خضري، مما ينتج عنه أبصال صغيرة الحجم أو ظاهرة «البصل العِرق» نتيجة عدم اكتمال القاعدة الورقية.
مرحلة التحجيم وتغيير استراتيجية التغذية
(بعد عمر 90 يومًا تقريبًا)
مع بدء تكوين الأبصال، يوصي مركز البحوث الزراعية بتغيير البرنامج الغذائي للنبات بما يتلاءم مع الهدف الجديد، وهو تضخيم البصلة وليس زيادة الأوراق.
التوصيات:
خفض معدلات التسميد النيتروجيني تدريجيًا ثم إيقافه قبل نحو أربعة أسابيع من مرحلة التحجيم، لتجنب استمرار النمو الخضري وتكوين رقاب غليظة.
زيادة الاعتماد على التسميد البوتاسي باستخدام سلفات أو نترات البوتاسيوم، حيث يلعب البوتاسيوم دورًا رئيسيًا في نقل السكريات المصنعة في الأوراق وتخزينها داخل البصلة.
دعم النبات بعنصر الفوسفور لما له من أهمية في انقسام الخلايا وبناء الأنسجة الجديدة داخل البصلة.
يوصى بأن تكون نسبة البوتاسيوم أعلى من النيتروجين خلال هذه المرحلة.
مرحلة الإنهاء والتجفيف وتحسين جودة التخزين
تُعد هذه المرحلة حاسمة في تحديد جودة الأبصال وقابليتها للتخزين.
إدارة الري:
خلال مرحلة التحجيم، يجب الحفاظ على انتظام الري دون تعطيش أو تغريق.
عند وصول الأبصال للحجم المناسب وظهور رقود وليونة في نحو 50% من النباتات، يوصى بالتوقف التام عن الري.
الأثر العلمي:
يساعد الإيقاف المنظم للري على وقف النمو الخضري وتحفيز انتقال المواد الغذائية المخزنة من الأوراق إلى الأبصال.
يساهم في تكوين قشور خارجية جافة وسميكة، مما يحسن من قدرة الأبصال على التخزين ويقلل من الإصابة بالأعفان.
تحذير
الاستمرار في الري بعد مرحلة الرقود يؤدي إلى تكوين رقاب غليظة، وأبصال رخوة عالية المحتوى المائي، سريعة التلف أثناء التخزين والتسويق.
يؤكد مركز البحوث الزراعية أن إنتاج أبصال كبيرة الحجم وعالية الجودة يعتمد على إدارة متكاملة تشمل:
بناء مجموع خضري قوي في المراحل المبكرة،
الالتزام بمواعيد الزراعة المناسبة،
التوازن الدقيق في التسميد مع مراعاة التغيرات الفسيولوجية للنبات،
والإدارة السليمة للري خاصة في المراحل النهائية.
ويشدد المركز على أن الالتزام بهذه الأسس العلمية يحقق إنتاجًا مرتفعًا من الأبصال ذات الجودة العالية والقابلية الجيدة للتخزين والتسويق.


.jpg)























