الأرض
السبت 2 أغسطس 2025 مـ 08:30 صـ 7 صفر 1447 هـ
موقع الأرض
رئيس مجلس الإدارةخالد سيفرئيس التحريرمحمود البرغوثيالمدير العاممحمد صبحي

إطلاق رسمي لصنف الأرز الجديد «جيزة 184» عالي الإنتاج

صنف الأرز الجديد جيزة 184
صنف الأرز الجديد جيزة 184

أكد الدكتور بسيوني عبد الرازق عبد الله زايد، رئيس بحوث قسم الأرز بمعهد المحاصيل الحقلية بمركز البحوث الزراعية ، إنه في قلب معركة التنمية المستدامة التي تخوضها مصر وسط تحديات ندرة الموارد المائية والتغيرات المناخية المتسارعة، وإبراز دور مركز البحوث الزراعية كركيزة علمية واستراتيجية في مواجهة هذه التحديات، وسعيه الحثيث نحو تحقيق الأمن الغذائي للبلاد، مشيرًا إلى أن المركز لم يتوانَ عن تبني أحدث الأساليب البحثية والتقنيات العلمية التي من شأنها تعظيم إنتاجية المحاصيل وتكييفها مع الظروف البيئية المتغيرة.

وأعلن "عبد الرازق"، عن اعتماد وإصدار الصنف الجديد من الأرز "جيزة 184" بعد حصوله رسميًا على الموافقة الوزارية خلال الأسبوع الماضي، تمهيدًا لتوزيعه على المزارعين في المحافظات المعنية بزراعة الأرز. وذلك لتعزز أمن مصر الغذائي في مواجهة التغيرات المناخية.

الصنف الجديد يُعد ثمرة سنوات من البحث والتطوير العلمي في قسم بحوث الأرز، وجاء ليواكب التحديات البيئية والاقتصادية التي تواجه الزراعة في مصر، ويشكل إضافة نوعية إلى قائمة الأصناف الوطنية، خاصة في ظل تصاعد الحاجة إلى محاصيل تتحمل الملوحة والجفاف وتحدّ من الانبعاثات الضارة.

مزايا فريدة.. إنتاجية عالية وتحمل للظروف القاسية

يمكث "جيزة 184" في الأرض ما بين 110 إلى 125 يومًا حسب توقيت الزراعة والظروف المناخية المحيطة، ويُعد أكثر إنتاجية مقارنة بالأصناف السابقة مثل "جيزة 178" و"جيزة 183"، حيث يصل إنتاج الفدان إلى نحو 5 أطنان.

ويمتاز الصنف الجديد بقدرة ملحوظة على تحمّل الملوحة سواء في مياه الري أو التربة، كما يتمتع بكفاءة عالية في مقاومة الجفاف، ما يتيح إمكانية زراعته تحت نظم الري الهوائية أو في الأراضي الجافة، وهو ما يسهم مباشرة في ترشيد استهلاك المياه.

صديق للبيئة.. وكفاءة عالية في امتصاص الكربون

بعيدًا عن الجوانب الإنتاجية، يحمل "جيزة 184" بُعدًا بيئيًا مهمًا؛ إذ يتمتع بقدرة عالية على امتصاص ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي من خلال عملية البناء الضوئي، حيث يستهلك الفدان الواحد ما يعادل 3.5 أطنان من الكربون المكافئ، مما يسهم بفاعلية في تقليل ظاهرة الاحتباس الحراري ويعزز دور الأرز كمحصول صديق للبيئة.

ويتميّز الصنف بانخفاض انبعاثات غاز الميثان الناتجة عن زراعة الأرز، خاصة عند زراعته تحت ظروف جافة، مما يدعم توجهات الدولة نحو الزراعة المستدامة.

جودة غذائية عالية وصلاحية واسعة للزراعة

من الناحية الغذائية، يُعتبر "جيزة 184" صنفًا عالي الجودة؛ إذ تصل نسبة تصافيه إلى 70%، ونسبة البروتين فيه تتراوح بين 7.5% إلى 8%، بينما تبلغ نسبة الدهون نحو 2%. كما يحتوي على نسبة مرتفعة من فيتامين "B1" تصل إلى 1,236 ميكروجرام، ما يعزز قيمته الصحية لدى المستهلك.

ووفقًا للدكتور زايد، فإن هذا الصنف الجديد صالح للزراعة في جميع المحافظات المحددة من قِبل وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي بالتنسيق مع وزارة الموارد المائية والري، ومنها: كفر الشيخ، البحيرة، الغربية، الدقهلية، الشرقية، الإسكندرية، بورسعيد، والإسماعيلية، إلى جانب المناطق الطرفية التي تعاني من صعوبة وصول المياه أو ارتفاع نسب الملوحة.

قرارات وزارية ومخططات مستقبلية

وأوضح زايد أن زراعة الأرز في مصر تخضع سنويًا لقرار وزاري مشترك بين وزارتي الزراعة والري، لتحديد المساحات المسموح بزراعتها والمحافظات المؤهلة لذلك، ويبلغ إجمالي المساحة المنزرعة حاليًا وفقًا للقرار الوزاري حوالي مليون و74 ألف فدان، تشمل 200 ألف فدان للأرز الجاف، و150 ألف فدان في المناطق المتأثرة بملوحة مياه الصرف.

وأشار إلى أن بعض المزارعين قد يتجاوزون المساحات المصرح بها، مما يؤدي إلى توقيع غرامات وفقًا للقانون، مؤكدًا أن الدولة تسعى إلى تنظيم زراعة الأرز بما يوازن بين الأمن الغذائي وحماية الموارد المائية.

صناعة الأرز.. سوق متنامٍ واقتصاد واعد

ويُعد محصول الأرز من الركائز الأساسية للغذاء في مصر، حيث يحظى بمكانة استراتيجية في الأمن الغذائي القومي، فضلاً عن دوره الكبير في الاقتصاد الزراعي، إذ تجاوز حجم تجارة الأرز محليًا ودوليًا 2.1 مليار دولار، ومن المتوقع أن يرتفع هذا الرقم إلى 2.5 مليار دولار سنويًا خلال السنوات المقبلة.

المستقبل بعيون الأبحاث

تمثل "جيزة 184" مرحلة جديدة في مسار تطوير الأصناف المحلية القادرة على مواجهة المتغيرات البيئية وتحقيق أعلى إنتاجية بأقل تكلفة مائية وبيئية. وتستعد الدولة عبر أذرعها البحثية والتطبيقية لمواصلة تطوير هذا التوجّه، من خلال التوسع في إكثار هذا الصنف خلال العام الحالي والمقبل، لتمكين الشركات المتخصصة من إنتاج البذور المعتمدة وتوفيرها للمزارعين في أقرب وقت ممكن.

بذلك، تمثل "جيزة 184" نقلة نوعية نحو مستقبل زراعي أكثر استدامة، وأكثر تكيفًا مع تغيرات المناخ، بما يعزز قدرة مصر على تأمين غذائها ومواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين بثقة وتخطيط علمي مدروس.