الأرض
السبت 26 يوليو 2025 مـ 09:48 صـ 30 محرّم 1447 هـ
موقع الأرض
رئيس مجلس الإدارةخالد سيفرئيس التحريرمحمود البرغوثيالمدير العاممحمد صبحي

مملكة الشطة الحمراء في دلجا تنتعش.. ومزارعوها يطالبون بالدعم الحكومي

مملكة الشطة الحمراء
مملكة الشطة الحمراء

أكد أهالي قرية دلجا، إحدى القرى التابعة لمركز ديرمواس، بمحافظة المنيا، أن زراعة الشطة ليست مجرد نشاط زراعي، بل هي حياة متكاملة، حيث تستحوذ على أكثر من 70% من الأراضي الزراعية، سواء كانت طينية أو صفراء، فالقرية تختزن كنزًا زراعيًا لا يقل قيمة عن الذهب، الشطة الحمراء.

هذه القرية المترامية الأطراف، التي تمتد حتى الظهير الصحراوي الغربي، تمتلك واحدة من أكبر الرقع الزراعية على مستوى المحافظة، غير أن ما يميزها حقًا هو تصدّرها لخريطة زراعة وتجفيف وطحن الشطة الحمراء في مصر، حتى أطلق عليها محليًا اسم: "مملكة الشطة الحمراء".

70% من الأراضي مزروعة بالشطة.. واللون الأحمر يغزو الشوارع

"في موسم الحصاد، لا ترى سوى اللون الأحمر في كل بيت وشارع"، هكذا وصف نجاح حسن، أحد كبار المزارعين في دلجا، مشهد القرية التي تتحول إلى خلية نحل مع بداية جمع المحصول.

وأضاف "حسن"، أن زراعة الشطة تبدأ في فبراير بالأراضي الصحراوية ومارس بالأراضي الطينية، مما يسمح بامتداد موسم الحصاد من منتصف أغسطس وحتى نهاية أكتوبر، وهي فترة تنشط فيها كل الأيادي العاملة، من الرجال إلى النساء والأطفال، حيث تُقطع حبات الشطة وتُجفف أمام المنازل في مشهد أصبح جزءًا من هوية القرية.

ليست لأي مزارع.. الشطة تحتاج رعاية ومهارة خاصة

أما طلعت جمال عبد العزيز، وهو من المزارعين المخضرمين، فيوضح أن زراعة الشطة ليست بالمهمة السهلة، فهي تحتاج إلى رعاية دقيقة وري منتظم كل 8 أيام، ومراقبة دائمة لتجنب الأمراض الزراعية، وأبرزها دودة الأرض التي قد تُفسد المحصول إذا لم تُعالج بمبيدات متخصصة في الوقت المناسب.

وأوضح أن إنتاجية الفدان في دلجا تصل إلى طن ونصف تقريبًا سواء في الأراضي الطينية أو الصحراوية، ورغم ارتفاع تكاليف الزراعة، إلا أن المحصول يعد مجزيًا للغاية، وهو ما يدفع معظم أهالي القرية للاستمرار في زراعته عامًا بعد عام.

شطة دلجا.. مذاق حار وجودة تصديرية

أما من حيث الجودة والطعم، فشطة دلجا تفرض نفسها في الأسواق المحلية والعربية. يقول المزارع محمد علي إن ما يميز الشطة المزروعة في دلجا هو لونها الأحمر الناري ونكهتها الحارة القوية، وذلك بفضل البيئة الزراعية الغنية، من تربة طينية خصبة إلى أشعة شمس قوية تسهم في تجفيف طبيعي دون الحاجة لوسائل صناعية.

ويتابع محمد: "نستخدم طرقًا تقليدية توارثناها عن أجدادنا. نزرع، نحصد، ننشر الشطة تحت الشمس لأسابيع، ثم نطحنها يدويًا أو باستخدام آلات بسيطة، وبعدها تُعبأ لتُباع في الأسواق المحلية، أو تُرسل إلى التجار للتصدير".

من منتج زراعي إلى هوية تراثية وسياحية

رغم النجاح الكبير، يرى مزارعو دلجا أن الشهرة وحدها لا تكفي. يقول محمد: "نحن فخورون بأن الشطة هنا تُزرع وتُصنع بأيادٍ مصرية خالصة، لكنها تحتاج إلى دعم حكومي وتسويقي أكبر".

وأشار إلى أن دلجا تمتلك كافة المقومات لتصبح وجهة سياحية زراعية فريدة، حيث يمكن للزوار مشاهدة مراحل الزراعة والتجفيف والطحن، بل ويمكن إنشاء متحف صغير يحكي تاريخ الشطة في القرية.

قرية دلجا... نموذج للنجاح الريفي الزراعي

تجربة قرية دلجا مع الشطة الحمراء تمثل نموذجًا ملهمًا للنجاح الزراعي القائم على التراث والمعرفة المحلية، وهو ما يفتح الباب لتكرار هذه التجربة في قرى مصرية أخرى، خاصة مع الطلب المتزايد على المنتجات الزراعية المتميزة.
في دلجا، لم يكن الفلفل الأحمر مجرد محصول موسمي، بل أصبح رمزًا لهوية القرية ووسيلة للحياة ونافذة للتصدير... شطة دلجا، حمراء كالذهب، لكنها أغلى.