لفحة الغمد الأرزي تهدد محاصيل الأرز المصرية بشراسة
يُعد مرض لفحة الغمد (Sheath blight) أحد أكثر أمراض الأرز خطورة وتأثيراً على المستوى الاقتصادي حول العالم، حيث يُحدث خسائر فادحة في كمية وجودة إنتاج الحبوب، وفق ما أوضحه الدكتور فيصل يوسف، أستاذ المحاصيل الحقلية وعلم تكنولوجيا البذور بمركز البحوث الزراعية.
ينتج هذا المرض عن فطر يُعرف باسم Rhizoctonia solani، الذي ينتقل عبر التربة ويصيب ليس فقط الأرز، بل يمتد تأثيره إلى محاصيل أخرى مثل الذرة وفول الصويا، إضافة إلى بعض أنواع الحشائش مثل الدنيبة، ما يزيد من صعوبة السيطرة عليه وانتشاره.
كيف يظهر المرض على النباتات؟
تبدأ أعراض لفحة الغمد في الأرز بالظهور على أغماد الأوراق عند قاعدة السيقان، عادة عند مستوى خط الماء أو فوقه مباشرة. تتحول هذه الأغماد إلى بقع رمادية ذات شكل مستطيل أو بيضاوي. مع تقدم الإصابة، تزداد هذه البقع في الحجم وتميل إلى الاندماج، مما يؤدي إلى تكوين بقع أكبر محاطة بهالة بنية فاتحة أو داكنة، مع مراكز بيضاء رمادية اللون.
تنتشر العدوى تدريجياً من أغماد الأوراق إلى أنصالها، مما يتسبب في تلف الأنسجة ويعيق تدفق المياه والمغذيات إلى الأجزاء العليا من النبات، سواء كانت أوراقاً أو سنابل. في بعض الحالات، يمتد الفطر إلى السيقان نفسها، مما يضعفها ويؤدي إلى ميلها للسقوط، ما يعرف بالرقاد، الأمر الذي يقلل من جودة وكمية المحصول بشكل كبير.
علامات واضحة لتأكيد الإصابة
يتميز هذا المرض بظهور خيوط فطرية بيضاء شبيهة بالشبكة على الأغماد والأوراق، تعمل على انتقال العدوى من ورقة إلى أخرى، وتنتشر بين النباتات المجاورة بسرعة. تبدأ هذه الخيوط باللون الأبيض، ثم تتحول إلى الأصفر أو البني الفاتح مع تقدم الفطر في النمو.
كما تظهر أجسام حجرية كروية بحجم حبة البازلاء، تكون في البداية بيضاء، ثم تتحول تدريجياً إلى اللون البني أو البني الداكن، ويبلغ قطرها ما بين 1 إلى 3 ملم، وتعد هذه الأجسام دليلاً قاطعاً على وجود الفطر.
مكافحة المرض.. خيارات فعالة ومحدودة
يؤكد الدكتور فيصل يوسف أن أفضل المواد الكيميائية المستخدمة لمكافحة لفحة الغمد هي مركبات مثل الأزوكسي ستروبين، بروبيكونازول، ودايفينوكونازول، التي أثبتت فعاليتها العالية في السيطرة على المرض.
وفي المرتبة التالية تأتي مجموعة من المبيدات ذات الفعالية المتوسطة، من بينها الكاربندزايم، الترايسيكلازول، والإيبرديون، والتي يمكن الاعتماد عليها في بعض الحالات كجزء من برامج المكافحة المتكاملة.
أما المواد ذات الفعالية الضعيفة، مثل المركبات النحاسية والمانكوزيب، فهي لا تحقق نتائج مرضية عند استخدامها لمكافحة هذا المرض، وتُعتبر أقل جدوى في الحد من انتشاره.
لفحة الأرز تهدد المحصول في مصر.. كيف تحمي حقولك من الخطر؟
من جانبه قال الدكتور محمد فهيم، مستشار وزير الزراعة ورئيس مركز معلومات تغير المناخ، إن مرض لفحة الأرز يُعد من أخطر الأمراض التي تواجه محصول الأرز في مصر. ويُعزى له اختفاء العديد من الأصناف القديمة نتيجة ظهور سلالات جديدة متطورة من المرض، تسبب خسائر واضحة في الإنتاج. ويتكاثر هذا المرض بشكل خاص في درجات الحرارة المرتفعة والرطوبة العالية، حيث لا تتكون جراثيم الفطر إلا في حالة رطوبة نسبتها 90% أو أكثر.
أعراض المرض.. كيف تعرف أن محصولك مصاب؟
تبدأ الإصابة بلفحة الأرز بظهور بقع صغيرة على الأوراق، تتوسع تدريجيًا حتى تصل أحيانًا إلى ثلاثة سنتيمترات طولًا وسنتيمتر عرضًا. تمتاز هذه البقع بلون رمادي قاتم في وسطها مع حواف بنية داكنة، تعطي النبات مظهرًا متعبًا ومرضياً.
ولا تقتصر الإصابة على الأوراق فقط، بل تمتد إلى الأغلفة المحيطة بالحبوب، حيث تصبح متضررة وذات لون أبيض باهت، وتظهر بقع رمادية على الحبوب نفسها. مع اشتداد الإصابة، تصاب السنبلة بأكملها ويتغير لونها إلى الرمادي، ويزداد الضرر كلما كانت الإصابة مبكرة، مما يؤثر سلبًا على كمية وجودة المحصول.
الوقاية.. درعك الأول ضد لفحة الأرز
للمزارعين دور كبير في الحد من انتشار هذا المرض، وذلك باتباع عدد من الإجراءات الوقائية الهامة:
1. إزالة قش الأرز المتبقي من الموسم السابق قبل زراعة المحصول الجديد، لتقليل مصدر العدوى.
2. مكافحة الحشائش مثل الدنيبة والعجيرة التي تنافس الأرز على الغذاء والماء، مما يجعل النبات أضعف وأكثر عرضة للإصابة.
3. اتباع طريقة الشتل في الزراعة، حيث تساعد على مقاومة الحشائش بشكل أفضل، ويُفضل الزراعة على مسافات مناسبة تسمح للنبات بالنمو القوي.
4. الاعتدال في استخدام الأسمدة الأزوتية، وتجنب الإفراط أو التأخير في إضافتها، مع تقليل الاعتماد على الأسمدة العضوية.
5. تجفيف الأرض لفترات تتراوح بين 7 إلى 10 أيام قبل الزراعة، لما له من تأثير إيجابي في تقليل نمو الفطر.
مبيدات فعالة لمواجهة لفحة الأرز
في حال ظهور الإصابة بنسبة 10% أو أكثر على الأوراق في الحقل، يجب التوجه فورًا إلى استخدام المبيدات الفعالة التالية:
مبيد كيمازد 50% WP بمعدل 75 جرام لكل 100 لتر ماء.
مبيد اكتيم 75% WP بمعدل 100 جرام للفدان.
مبيد بيم 75% WP بمعدل 100 جرام للفدان.
ويُوصى بتكرار الرش مرتين على الأقل، الأولى عند بداية ظهور الإصابة، والثانية عند طرد السنابل، مع إضافة مادة ناشرة بكمية 50 سم³ لكل 100 لتر ماء لتعزيز كفاءة المبيدات.
توصيات عاجلة في ظل الموجات الحارة
مع ارتفاع درجات الحرارة، يجب اتخاذ تدابير إضافية للحفاظ على صحة النبات وإنتاجيته، وذلك من خلال الرش المكثف بمحلول كبريتات الزنك بتركيز 2%، بمعدل 4 كيلوغرامات للفدان، ويفضل أن يتم الرش في المساء بعد العصر.
كما يمكن استخدام 2 كيلوغرام من الزنك المخلب لكل فدان مخلوطاً مع 200 لتر ماء، حيث يساعد الزنك على تنظيم حركة الهرمونات النباتية، مما يقلل من تأثير الإجهاد الحراري ويحد من زيادة عمليات الهدم والتنفس الناتجة عن ارتفاع درجات الحرارة.
