الأرض
الأربعاء 9 أكتوبر 2024 مـ 07:01 مـ 6 ربيع آخر 1446 هـ
موقع الأرض
رئيس مجلس الإدارةخالد سيفرئيس التحريرمحمود البرغوثيالمدير العاممحمد صبحي

الدكتور اسامة سلام يكتب عن التغير المناخي والصحة البشرية

قراءة في تقرير الأمم المتحدة العالمي عن تنمية الموارد المائية لعام 2020
صدر في آخر شهر مارس 2020 تقرير الأمم المتحدة العالمي عن تنمية الموارد المائية لعام 2020 بعنوان تغير المناخ والموارد المائية والذي أكد أن تغير المناخ سيؤثر قي توافر المياه لتلبية الاحتياجات البشرية الأساسية وجودتها وكميتها، مما سيؤثر في تمتع ملايين الأشخاص في العالم بحقهم قي الحصول على المياه وخدمات الرصف الصحي. وأكد أيضا أن التغييرات الهيدرولوجية الناجمة عن تغير المناخ ستزيد الصعوبات المرتبطة بالإدارة المستدامة للموارد المائية، والتي تتعرض بالفعل لضغوط شديدة ومتعددة في مناطق متفرقة كثيرة على مستوى العالم ونظرا لأن الأمن الغذائي، وصحة الإنسان، وإنتاج الطاقة، والتنمية الصناعية، والنمو الاقتصادي، والنظم الإيكولوجية، تتوقف كلها على المياه كعنصر أساسي من مكوناتها فإنها معرضة للعديد من العواقب والاثار السلبية لتغير المناخ. لذلك يعد التكيف مع هذه التغيرات والتخفيف من آثارها أمرين بالغي الاهمية لتحقيق التنمية المستدامة، وضروريين جدا لتنفيذ اهداف التنمية المستدامة لعام 2030 واتفاق باريس بشأن تغير المناخ للحد من مخاطر الكوارث. والتقرير يغطي عدد من النقاط الهامة منها الآثار قي الموارد المائية وإجراءات التكيّف والتخفيف والأطر الدولية الخاصة بالسياسات العامة وسبل إدارة الموارد المائية والبنية التحتية والنظم الإيكولوجية وكيفية الحد من مخاطر الكوارث عدد اخر من الموضوعات الهامة منها اثر تغير المناخ على الصحة البشرية والتي نحن بصددها في هذا المقال والتي حددها التقرير بالعواقب الصحية المتوقعة لتغير المناخ والمتعلقة بالمياه في المقام الأول وفي الأمراض المنقولة بالأغذية والمياه ونواقل الجراثيم وفي الوفيات والإصابات المرتبطة بالأحوال الجوية القصوى من قبيل الفيضانات الساحلية والداخلية، فضلاً عن نقص التغذية الناجم عنها أو نقص الغذاء الناتج عن الجفاف والفيضانات. وقد تكون العواقب على الصحة العقلية المرتبطة بالمرض والإصابة والخسائر الاقتصادية والنزوح ذات شأن أيضاً، على الرغم من صعوبة قياسها بصورة كمية. وسجّلت نهاية فترة الأهداف الإنمائية للألفية (2000 - 2015)، استخدام 91 ٪ من سكان العالم مصدراً محسناً لمياه الشرب واستخدام 68 ٪ من السكان مرافق صحية جيدة ومحسنة. ولا يزال هناك الكثير الإجراءات التي يجب القيام به لبلوغ المستويات الجديدة لخدمات إمدادات المياه والصرف الصحي كتلك المحددة في أهداف التنمية المستدامة، أي توفير هذه الخدمات لما مجموعه 2.2 مليار و4.2 مليارات شخص على التوالي، الذين يفتقرون إلى هذا المستوى الأعلى من الخدمة. يبدو من المرجح أن يسفر تغيّر المناخ عن تباطؤ التقدم المحرز في توفير المياه وخدمات الصرف الصحي المأمونة الإدارة، وأن يفضي إلى الاستخدام غير الفعال للموارد إذا لم يجر تصميم النظم وإدارتها بطريقة تمكنها من الصمود أمام تغير المناخ. ومن ثم، فإن التقدم المحرز في القضاء على الأمراض المرتبطة بالمياه والصرف الصحي والسيطرة عليها سيتباطأ أو يُقوض بفعل تغير المناخ أيضاً. وأوضح التقرير أن إدارة المياه في ظل تغير المناخ تتطلب آليات للإشراف والتنسيق. وقد يمثل التشتت على صعيد القطاعات والمنافسة بين الدوائر البيروقراطية صعوبات كبيرة تعيق تحقيق التكامل بين مختلف الصعد، وهذا ما يتطلب: زيادة مشاركة الناس في مناقشة مخاطر المناخ وإدارتها، وبناء القدرات فيما يتعلق بالتكيّف على مستويات متعددة، وإعطاء الأولوية للحد من المخاطر التي تهدد الفئات الضعيفة اجتماعياً.

وتقتضي «الحوكمة الرشيدة» الالتزام بمبادئ حقوق الإنسان، التي تشمل الفعالية والاستجابة والمساءلة؛ والانفتاح والشفافية والمشاركة في أداء وظائف الحوكمة الرئيسية المتعلقة بالسياسات والترتيبات المؤسسية؛ والتخطيط والتنسيق؛ والتنظيم والترخيص. وتوفر الإدارة المتكاملة للموارد المائية عملية تتيح إشراك الجهات المعنية على صعيد المجتمع، وقطاع الاقتصاد، وقطاع البيئة، من أجل تحقيق تكامل حقيقي. ونظراً إلى طبيعة مسائل المياه والمناخ المشتركة بين مختلف القطاعات الاقتصادية وشرائح المجتمع، لا بد من معالجة عمليات المقايضة والمصالح المتضاربة على جميع المستويات من أجل التفاهم على حلول متكاملة ومنسقة، وهذا ما يتطلب الأخذ بنهج منصف وتشاركي ومتعدد الجهات المعنية لإدارة المياه في سياق تغير المناخ.

وثمة فرص متزايدة لدمج تخطيط تدابير التكيّف مع تغير المناخ والتخفيف من وطأته دمجاً حقيقياً وممنهجاً في الاستثمارات في مجال المياه، مما يجعل هذه الاستثمارات والأنشطة المرتبطة بها أكثر جاذبية لممولي الأنشطة المتعلقة بالمناخ. فضلاً عن ذلك، يمكن أن تسفر مختلف المبادرات المتعلقة بتغير المناخ والمرتبطة بالمياه عن فوائد مشتركة أيضاً من قبيل استحداث فرص العمل، وتحسين الصحة العامة، والحد من الفقر، وتعزيز المساواة بين الجنسين، وتحسين سبل المعيشة، وغير ذلك من الفوائد.

*دكتور أسامة سلام
خبير موارد مائية – هيئة البيئة أبو ظبي

موضوعات متعلقة