الأرض
الخميس 9 أكتوبر 2025 مـ 12:41 صـ 15 ربيع آخر 1447 هـ
موقع الأرض
رئيس مجلس الإدارةخالد سيفرئيس التحريرمحمود البرغوثيالمدير العاممحمد صبحي

دور المصارف الزراعية في منع ارتفاع الماء الأرضي

أكد الدكتور محمد عبد ربه، مدير المعمل المركزي للمناخ، أن العمق الحرج للماء الأرضي يُعد من العوامل الأساسية التي تُحدد مدى صلاحية التربة للزراعة، وأن تجاهله قد يؤدي إلى تملح سطح الأرض وتراجع إنتاجية المحاصيل الزراعية بشكل ملحوظ.

وأوضح عبد ربه أن مصطلح "العمق الحرج للماء الأرضي" يُشير إلى المسافة بين سطح الأرض والماء الأرضي عند النقطة التي يبدأ فيها صعود الماء بواسطة الخاصية الشعرية ليقترب من جذور النبات، وهو ما قد يسبب تراكماً للأملاح في الطبقة السطحية من التربة، مهدداً نمو النباتات ومعدلات إنتاجها.

ما هو العمق الحرج للماء الأرضي؟

العمق الحرج هو الحد الأدنى الذي يجب ألا يقترب منه مستوى الماء الأرضي من سطح التربة، ويُقاس عادةً بالمتر أو السنتيمتر. عند تجاوزه نحو الأعلى، يبدأ الماء المحمل بالأملاح بالصعود إلى منطقة الجذور، مما يُحدث تمليحًا تدريجيًا للتربة قد يُفقدها خصوبتها ويُقلل من إنتاج المحاصيل.

يشير عبد ربه إلى أن هذا العمق لا يحدده عامل واحد فقط، بل يتأثر بعدة متغيرات رئيسية، أهمها:

تركيز الأملاح في الماء الأرضي

الظروف المناخية والجوية السائدة

نظام الري المستخدم

متى يصبح الماء الأرضي خطرًا على التربة؟

عند احتواء الماء الأرضي على تركيز أملاح يتراوح بين 10 إلى 15 جرام/لتر، يجب ألا يقل عمقه عن 2 إلى 2.5 متر، حتى لا تبدأ عملية التملح. وكلما زادت نسبة الأملاح في الماء الأرضي، كلما وجب أن يكون العمق أعمق لحماية جذور النبات.

أما في الحالات التي يكون فيها تركيز الأملاح منخفضًا – من 1 إلى 2 جرام/لتر – فإن الماء الأرضي قد يقترب من سطح الأرض حتى 1 إلى 1.5 متر دون أن يُشكل خطرًا على التربة، نظراً لانخفاض نسبة الأملاح وبالتالي ضعف احتمال التملح.

مصارف المياه: وسيلة وقائية ضرورية

يشدد عبد ربه على أن تحديد العمق الحرج بدقة يساعد في التخطيط الصحيح لإنشاء مصارف زراعية فعالة. إذ يجب أن تكون المصارف قادرة على خفض مستوى الماء الأرضي إلى ما دون العمق الحرج، ما يُقلل من فرص صعود الماء المالح إلى سطح التربة ويحافظ على جودة الأراضي المزروعة.

معدل البخر وتأثيره على حركة الماء الأرضي

يرتبط معدل بخر الماء من سطح التربة ارتباطًا مباشرًا بسرعة صعود الماء الأرضي نحو الأعلى. فكلما زادت حرارة السطح، وارتفع التبخر، زاد التوتر في الطبقة السطحية، ما يدفع بالماء من الأعماق إلى السطح، خاصة إذا كان مستوى الماء الأرضي قريبًا من العمق الحرج.

ويعتمد هذا التفاعل على عاملين أساسيين:

1. قوام التربة وعمق الماء الأرضي: فالتربة الطينية مثلاً تحتفظ بالماء أكثر من الرملية، ما يُؤثر على سرعة حركة الماء.

2. الظروف الجوية: مثل درجة الحرارة، الرياح، والرطوبة، التي تتحكم في معدل البخر اليومي.

ضرورة الوعي البيئي والتخطيط الزراعي السليم

يشير الخبراء إلى أن تجاهل مفاهيم مثل العمق الحرج ومعدل البخر يؤدي إلى نتائج كارثية على الأراضي الزراعية، لا سيما في المناطق التي تعتمد على المياه الجوفية. لذا، فإن التخطيط الزراعي السليم يجب أن يتضمن دراسة دقيقة للخصائص الهيدرولوجية للتربة، إلى جانب مراقبة دورية لمستوى الماء الأرضي وتركيز الأملاح به.

خلاصة: بين التملح والحفاظ على التربة

يُعد التحكم في مستوى الماء الأرضي أداة حيوية للحفاظ على خصوبة التربة وضمان استدامة الزراعة. وتجاهل هذا العامل قد يؤدي إلى تدهور التربة تدريجيًا، ويُفقدها إنتاجيتها مع مرور الوقت. ولذا، فإن التوعية المستمرة، وتطبيق أسس الصرف الزراعي، وفهم العوامل المناخية المؤثرة تبقى هي الركائز الأساسية لحماية الأراضي الزراعية من التملح.