الذكاء الاصطناعي في مكافحة الحشرات.. السلاح الجديد للمزارعين
يشهد الذكاء الاصطناعي في مكافحة الحشرات تحولًا جذريًا في أساليب حماية المحاصيل الزراعية، حيث بات يمثل أداة استراتيجية حديثة قادرة على تقليل الخسائر، ورفع كفاءة الإنتاج، وخفض الاعتماد على المبيدات الكيميائية. وفي هذا الإطار، أكد الدكتور مجدي فاروق السماحي، أستاذ النانوتكنولوجي ووقاية النبات بمعهد بحوث وقاية النباتات بمركز البحوث الزراعية، أن التقنيات الذكية أصبحت عنصرًا حاسمًا في تطوير منظومة المكافحة المتكاملة للآفات داخل مصر.
وأوضح السماحي أن دمج الذكاء الاصطناعي مع تقنيات الاستشعار عن بُعد، والطائرات بدون طيار، وإنترنت الأشياء، والروبوتات الزراعية، يضع القطاع الزراعي أمام نقلة نوعية غير مسبوقة، خاصة مع تنامي التحديات المرتبطة بالتغيرات المناخية وازدياد شراسة الآفات.
الذكاء الاصطناعي في مكافحة الحشرات الحديثة
لم يعد الاعتماد على المكافحة التقليدية وحده كافيًا، إذ تهدف النظم الذكية إلى التدخل المبكر والدقيق بدلًا من الاستجابة المتأخرة. ويكمن جوهر هذه التقنيات في تعزيز القدرة على الرصد، وتحسين دقة اتخاذ القرار، وتقليل الأثر البيئي، ضمن إطار المكافحة المتكاملة للآفات (IPM).
تقنيات ذكية تغيّر قواعد مكافحة الآفات
الاستشعار عن بُعد والطائرات بدون طيار
تُستخدم الصور متعددة الأطياف الملتقطة عبر الأقمار الصناعية والطائرات المسيّرة لرصد الإجهاد النباتي في مراحله المبكرة، قبل ظهور أي أعراض مرئية. ويتيح تحليل هذه البيانات باستخدام خوارزميات التعلم العميق تحديد بؤر الإصابة بدقة، ما يسمح بتقسيم الحقول وتنفيذ معالجات موضعية تقلل من الفاقد واستهلاك المبيدات.
المصائد الذكية والكاميرات الآلية
تعتمد المصائد الحديثة على كاميرات رقمية مدعومة بنماذج التعرف على الصور لتمييز أنواع الحشرات وعدّها آليًا. وتوفر هذه الأنظمة إنذارات فورية، وتختصر الوقت والجهد، فضلًا عن إتاحتها حلولًا منخفضة التكلفة قابلة للتطبيق على نطاق واسع.
التنبؤ بموجات الآفات عبر تعلم الآلة
تستند نماذج التنبؤ إلى تحليل بيانات الطقس، ودورات الحياة الحشرية، وسجلات الإصابة التاريخية، لتوقّع ذروة انتشار الآفات. وتُسهم هذه النماذج في تحديد التوقيت الأمثل لتطبيق المكافحة أو إطلاق الأعداء الحيوية، بما يعزز كفاءة القرار الزراعي.
إنترنت الأشياء وشبكات المستشعرات
توفر المستشعرات البيئية بيانات لحظية عن درجات الحرارة والرطوبة وسرعة الرياح، ويتم تحليلها عبر منصات سحابية ذكية. ويسمح هذا التكامل بضبط ممارسات الري والتسميد وتقليل الظروف الملائمة لتكاثر الآفات.
الروبوتات الزراعية والرش الدقيق
تُنفّذ الروبوتات الأرضية والجوية عمليات رش موضعية عالية الدقة استجابة لخرائط الإصابة، ما يقلل من كميات المبيدات المستخدمة ويحافظ على الكائنات النافعة.
دعم المكافحة الحيوية وتربية الأعداء الطبيعية
يساعد الذكاء الاصطناعي في تحسين نظم التربية المكثفة للأعداء الحيوية، من خلال ضبط ظروف الإنتاج ومراقبة الجودة وتحديد توقيت الإطلاق، بما يدعم بدائل آمنة ومستدامة للمبيدات.
التقنيات الجينية المتقدمة
تفتح أدوات مثل CRISPR آفاقًا جديدة للتحكم في تكاثر الحشرات أو سلوكها، إلا أن تطبيقها لا يزال مشروطًا بإجراءات صارمة تتعلق بالسلامة البيئية والأخلاقيات والتشريعات.
مكاسب حقيقية للمزارع والبيئة
الكشف المبكر يقلل الخسائر الزراعية بشكل ملحوظ
الرش الموضعي يخفض استهلاك المبيدات ويحمي التنوع الحيوي
الأتمتة تقلل الاعتماد على الجهد البشري وتزيد كفاءة المتابعة
تحديات التطبيق في مصر
رغم الفرص الواعدة، تواجه هذه التقنيات تحديات تتعلق بندرة البيانات المحلية، والحاجة إلى تدريب النماذج على بيئات مصرية، وضعف البنية التحتية الرقمية في بعض المناطق الريفية، إضافة إلى الأطر التشريعية المرتبطة بالتقنيات الجينية.
رؤية مستقبلية وتوصيات عملية
يوصي الخبراء بتبني مشروعات تجريبية في محاصيل استراتيجية مثل الزيتون والقمح والقطن، وإنشاء قواعد بيانات وطنية للآفات، وتعزيز الشراكات بين مراكز البحوث والجامعات وشركات التكنولوجيا، مع تكثيف برامج الإرشاد والتدريب للمزارعين.
ويؤكد الدكتور مجدي السماحي أن الذكاء الاصطناعي قادر على نقل إدارة الآفات في مصر من نهج تفاعلي إلى نظام استباقي ذكي، يوازن بين الابتكار، وسلامة البيئة، واستدامة الإنتاج الزراعي.


.jpg)























