حبة الغلة.. وزارة الزراعة تتحرك لوقف سم الانتحار الصامت

اتخذت لجنة مبيدات الآفات الزراعية التابعة لوزارة الزراعة في مصر حزمة من القرارات التنظيمية الحاسمة للحد من تداول واستخدام مركبات فوسفيد الألومنيوم والماغنيسيوم، المعروفة شعبيًا باسم "حبة الغلة".
هذا المركب، الذي كان يستخدم سابقًا في عمليات تبخير الحبوب المخزّنة، أصبح يشكل تهديدًا حقيقيًا على الأرواح، بعدما تحوّل إلى وسيلة شائعة للانتحار، ليس فقط في مصر بل في عدد من الدول العربية، مما استدعى تدخلًا فوريًا ومشدّدًا من الجهات الرقابية.
قرارات تنظيمية صارمة لحماية المواطنين
وفقًا لبيان رسمي صادر عن اللجنة في 18 سبتمبر 2018، تم تصنيف هذه المبيدات ضمن فئة المبيدات مقيدة الاستخدام (RUP)، وهو ما يعني منع تداولها أو استخدامها من قبل الأفراد أو غير المتخصصين، مع فرض قيود مشددة على بيعها وتداولها.
وجاءت أبرز هذه القرارات على النحو التالي:
1. قصر استخدام المبيد على الجهات المتخصصة فقط، مثل شركات تبخير المخازن والصوامع، ومنع بيعه في المحال التجارية أو تداوله بين الأفراد.
2. تجميد تسجيل أي مستحضرات جديدة تحتوي على مركبات فوسفيد الألومنيوم أو الماغنيسيوم، للحد من انتشارها في الأسواق.
3. إلزام الشركات المستوردة أو المنتجة للمادة بعقود مسبقة مع جهات متخصصة، لضمان التحكم في الكميات المستوردة ومنع تسريبها للسوق المحلي.
4. فرض عقوبات صارمة على المخالفين، تشمل مصادرة الكميات المضبوطة، واتخاذ الإجراءات القانونية، مع إمكانية حرمان الشركات من استيراد المبيد لفترات تحدد بحسب جسامة المخالفة.
5. إطلاق برامج تدريبية دورية لمهندسي المكافحة الزراعية، لرفع وعيهم باستخدام هذه المبيدات بشكل آمن وفعّال.
رؤية شاملة للحد من المخاطر
وأوضحت اللجنة أن الإجراءات المتخذة لا تقتصر فقط على الحظر والتقييد، بل تشمل رؤية متكاملة للحد من المخاطر المرتبطة بهذه المادة، حيث تم:
تشكيل لجنة فنية لتحديد الاحتياجات الفعلية من المبيد داخل السوق المصري، بهدف خفض الكميات المستوردة تدريجيًا.
تشجيع تسجيل بدائل أكثر أمانًا، مثل مركب "الفوسفين" في صورته الغازية، والذي يتمتع بدرجة أمان أعلى عند الاستخدام.
إخطار كافة الجهات المعنية والرقابية، بما في ذلك وزارات الداخلية، والتموين، والجمارك، وشرطة البيئة، لتنفيذ هذه القرارات على أرض الواقع.
حماية الصحة العامة أولوية وطنية
بحسب البيان، فإن هذه الخطوات تأتي ضمن خطة وطنية متكاملة تهدف إلى حماية الأرواح، والحد من إساءة استخدام المبيدات الزراعية، وضمان أن تبقى هذه المواد في نطاق الاستخدام الفني المتخصص، بعيدًا عن أيدي غير المؤهلين، بما يعزز من سلامة المواطنين ويقلل من حوادث الانتحار المأساوية المرتبطة بـ"حبة الغلة".
تسليط الضوء على قضية مغفلة
تكمن أهمية هذا الملف في كونه يمس جانبًا حساسًا من الأمن الصحي والاجتماعي، إذ تُظهر الإحصائيات أن "حبة الغلة" أصبحت أحد أكثر الوسائل استخدامًا في حوادث الانتحار، بسبب سهولة الحصول عليها وسرعة تأثيرها القاتل. ويعكس تدخل وزارة الزراعة وصرامة قراراتها وعيًا متناميًا بخطورة هذه المادة، واستجابة مسؤولة لمعاناة مئات الأسر التي فقدت أبناءها بسببها.