واردات الطماطم الكرزية المغربية تشعل الجدل في فرنسا وأوروبا

تواجه فرنسا ضغوطا متصاعدة جراء تدفق واردات الطماطم الكرزية من المغرب، حيث تشهد الأسواق الفرنسية منذ سنوات نموا ملحوظا في كميات هذا الصنف من الطماطم القادمة من المزارع المغربية، ما أثار جدلا متكررا حول المنافسة غير العادلة وسبل حماية المنتج المحلي.
وقد كانت هذه القضية محور نقاش موسع خلال اجتماع أخير لمحللي السوق في الاتحاد الأوروبي، حيث استعرض المشاركون دراسة أعدها المجلس العام للأغذية والزراعة والفضاءات الريفية في فرنسا، أظهرت أن تقنيات الإنتاج في المغرب تطورت بشكل كبير في السنوات الأخيرة، رغم أن المساحات المزروعة لم تتوسع حتى الآن بشكل ملحوظ.
وترجح التقديرات أن الوضع قد يتغير قريبا مع بدء تنفيذ مشاريع زراعية واسعة النطاق في الصحراء الغربية، تشمل إنشاء محطات لتحلية المياه وتوفير إمدادات ري مستدامة، ما قد يؤدي إلى زيادة كبيرة في إنتاج الطماطم. هذا التطور يثير قلق المزارعين الفرنسيين الذين يخشون من أن يؤدي تدفق الإنتاج المغربي إلى تقليص حصتهم في السوق.
وتكشف بيانات الجمارك الفرنسية بوضوح هذا الاتجاه التصاعدي، حيث شهدت البلاد منذ عام 2015 قفزة كبيرة في واردات طماطم الكرز. ويصل جزء كبير من هذه الشحنات إلى مدينة بربينيان قبل إعادة تصديرها إلى دول أوروبية أخرى، في حين يُضخ قسم منها في السوق الفرنسية مباشرة، مما يضاعف الضغط على المنتجين المحليين.
وأشار المشاركون في الاجتماع إلى أن التغييرات التي أدخلت على رموز الجمارك أتاحت تصنيفا أدق لأنواع الطماطم، ما كشف بجلاء عن ارتفاع واردات الطماطم الصغيرة، خصوصا طماطم الكرز. واعتبروا أن هذه الزيادة أحدثت تحولا في موازين المنافسة، خاصة أن نظام التعريفات الجمركية وآلية أسعار الاستيراد في الاتحاد الأوروبي صُممت بالأساس وفق معايير الطماطم المستديرة، التي كانت حتى العام الماضي الصنف الأكثر انتشارا في الأسواق.
ويعود التعاون التجاري بين المغرب والاتحاد الأوروبي إلى اتفاقية وُقعت عام 2012، لكن محللين يرون أن آلية تحديد أسعار الاستيراد الحالية لم تعد مواكبة للقيمة السوقية للأصناف المميزة من الطماطم، وهو ما أفقدها فعاليتها في تحقيق التوازن بين العرض والطلب داخل الاتحاد.
ولم تقتصر الانتقادات على فرنسا، إذ تشارك إسبانيا أيضا في التحذير من تداعيات هذه المنافسة، حيث يطالب مزارعوها منذ سنوات باستبعاد المنتجات المزروعة في الصحراء الغربية من الامتيازات التجارية الممنوحة للمغرب. ومع تزايد الإنتاج في تلك المنطقة، يتوقع مراقبون أن تتصاعد الضغوط من دول جنوب أوروبا لإعادة النظر في قواعد التجارة الزراعية داخل الاتحاد الأوروبي.