الأرض
الخميس 7 أغسطس 2025 مـ 09:52 مـ 12 صفر 1447 هـ
موقع الأرض
رئيس مجلس الإدارةخالد سيفرئيس التحريرمحمود البرغوثيالمدير العاممحمد صبحي

د. هدى رجب: الزراعة التعاقدية تحول المحاصيل إلى استثمارات مضمونة

أكدت الدكتورة هدى رجب، مدير مركز الزراعات التعاقدية بوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، أن الحكومة قطعت شوطًا كبيرًا في توسيع نطاق تطبيق الزراعة التعاقدية، لتصبح المظلة الأساسية التي تنظم العلاقة بين المزارع والشركات.

وأشارت إلى أن العديد من الشركات بدأت بالفعل تنفيذ تعاقدات مباشرة مع المزارعين، في إطار إشراف الدولة الكامل، ما يضمن استقرار أسعار المنتجات الزراعية ويوفر بيئة تسويقية آمنة للمنتج المحلي.

وأضافت أن هذه المنظومة لم تعد تقتصر على التوسع الأفقي في الرقعة الزراعية فقط، بل شملت أيضًا التوسع الرأسي من خلال تطوير الأصناف الزراعية، وتحسين جودة البذور، واختيار السلالات الأعلى إنتاجًا والأكثر مقاومة للتغيرات المناخية. كما تم استصلاح أراضٍ جديدة، ودمج هذه العمليات ضمن خطط متكاملة تهدف لتحقيق التنمية الزراعية المستدامة.

شفافية وتنسيق مشترك

الزراعة التعاقدية، كما أوضحت رجب، تمنح المزارع معرفة مسبقة بالطرف الذي سيشتري منه المحصول، إلى جانب تحديد السعر بشكل تعاقدي عادل، بناءً على متوسط أسعار السوق وقت التسليم، مع وجود ما يُعرف بـ"سعر الضمان" الذي يحمي المزارع من تقلبات السوق.

ويتم التعاقد بعد اجتماعات تنسيقية بين الشركات والمزارعين، يحضرها مختصون وأساتذة جامعيون لتقييم الأرض والمحصول المقترح زراعته، والتأكد من توافقه مع الشروط الفنية والبيئية. وتُعقد هذه الاجتماعات بشكل دوري لإتاحة فرصة أكبر لفهم احتياجات المزارعين، وتقديم الدعم العلمي والميداني اللازم.

المزارع... شريك أساس في النجاح

ولفتت مديرة المركز إلى أن التزام المزارع بالتوصيات الفنية يظل أحد الأعمدة الرئيسية لنجاح المنظومة، مؤكدة أن الفلاح المصري يتمتع بذكاء فطري وقدرة على التكيف، لكنه بحاجة إلى من يرشده ويوفر له أدوات النجاح.

وأضافت أن حالات الإخلال بالعقود التي كانت تحدث في السابق، نتيجة إغراء بعض التجار بأسعار وهمية، بدأت تتلاشى تدريجيًا مع زيادة وعي المزارعين. فهم اليوم باتوا يدركون أن الالتزام بالعقود الرسمية يضمن لهم عائدًا حقيقيًا، بخلاف التاجر الذي لا يقدم أي ضمانات ولا يلتزم بالكميات المتفق عليها.

المحاصيل الاستراتيجية في الصدارة

كشفت رجب عن أن التركيز الحالي في الزراعة التعاقدية يتجه نحو المحاصيل الزيتية، على رأسها الذرة، فول الصويا، عباد الشمس، الكانولا، السمسم، والفول السوداني، وذلك في إطار خطة وطنية لسد الفجوة الكبيرة في استيراد الزيوت، والتي تصل حاليًا إلى نحو 97% من الاستهلاك المحلي.

وتابعت: "تحقيق الاكتفاء الذاتي من هذه المحاصيل لن يكون بين عشية وضحاها، لكنه هدف واقعي يمكن بلوغه تدريجيًا خلال السنوات القادمة، إذا ما تم تكثيف التوسع في الزراعة التعاقدية، وتوفير البيئة الداعمة لذلك".

جهود ميدانية وإرشاد مباشر

وأضافت أن المركز ينفذ زيارات ميدانية للمزارعين في مختلف المحافظات قبل موسم الزراعة، للترويج لزراعة المحاصيل الاستراتيجية، وتقديم الإرشادات الفنية اللازمة لزيادة الإنتاج وتحسين الجودة. ويشمل ذلك توعية المزارعين بكيفية التعامل مع التغيرات المناخية، وسبل الحفاظ على المحصول من الآفات والأمراض.

ولفتت إلى أن الزراعة التعاقدية لا تقتصر على المحاصيل النباتية فقط، بل تمتد إلى الإنتاج الحيواني والداجني والسمكي، بما يعزز من قدرة الدولة على تنظيم سوق المنتجات الزراعية ويمنع تفتيت الحيازات الزراعية الصغيرة.

دعم متكامل وخطط مستقبلية

وأكدت رجب أن الوزارة تقوم بدورها في دعم المزارعين، من خلال توفير التقاوي والأسمدة عبر الجمعيات الزراعية، فضلًا عن مراقبة تنفيذ الخطة الزراعية من خلال فرق فنية متخصصة، تتابع مراحل الزراعة خطوة بخطوة، حرصًا على ضمان تحقيق أفضل إنتاجية ممكنة.

وفي ظل الأزمة الاقتصادية العالمية وتقلص حجم الواردات في العديد من الدول، أصبحت الزراعة التعاقدية بمثابة الحل الأمثل لحماية الأمن الغذائي الوطني، وتوفير العملة الصعبة عبر تقليص فاتورة الاستيراد، مع فتح آفاق جديدة للتصدير.

نحو مستقبل زراعي واعد

واختتمت د. هدى رجب أن الدولة تولي اهتمامًا بالغًا بالقطاع الزراعي، تنفيذًا لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي بضرورة استعادة دور مصر الزراعي الرائد، وتنمية الصناعات القائمة على الزراعة مثل الصناعات الغذائية والمنسوجات والعطور، والتوسع في تصدير المنتجات المصرية إلى الأسواق الخارجية.

وشددت على أن الزراعة التعاقدية هي حجر الأساس في هذا التحول، إذ تضمن للمزارع الربحية، وللسوق الاستقرار، وللدولة القدرة على التخطيط والإنتاج وفقًا لأولويات الأمن الغذائي.