الأرض
الأربعاء 6 أغسطس 2025 مـ 02:14 مـ 11 صفر 1447 هـ
موقع الأرض
رئيس مجلس الإدارةخالد سيفرئيس التحريرمحمود البرغوثيالمدير العاممحمد صبحي

صناعة الزبادي في المنزل.. بين الفوائد الصحية وأخطاء تفسد النتائج

قدمت الدكتورة ريهام عادل، الباحث المساعد بمعهد تكنولوجيا الأغذية – مركز البحوث الزراعية، رؤية شاملة حول صناعة الزبادي في المنزل، مشيرةً إلى الخطوات العلمية الأساسية، وأسباب الفشل المتكررة، والخصائص التي تميّز الزبادي الجيد، إلى جانب أهمية الزبادي كغذاء يدعم الصحة الجسدية والنفسية.

من اللبن الخام إلى الزبادي: رحلة دقيقة

بحسب الدكتورة حبليزة، فإن الزبادي يُصنّف ضمن فئة "الألبان المتخمرة"، وهي منتجات لبنية تُحضّر من اللبن الكامل أو الفرز، عبر إضافة بادئات ميكروبية محددة، بشرط أن تبقى هذه الكائنات الحية نشطة حتى لحظة الاستهلاك، وألا يحتوي المنتج على أي بكتيريا مرضية.

وتتعدد أنواع الألبان المتخمرة في مصر، ومن أبرزها:

الزبادي

اللبن الرائب

لبن الزير

الكفير

اللبنة

طريقة التحضير في المنزل.. خطوات تحكمها الدقة

تبدأ صناعة الزبادي المنزلي بتسخين اللبن (سواء بقري أو جاموسي) في حمام مائي لمدة نصف ساعة، مع التحريك المستمر لتكسير الرغوة. الهدف من هذه الخطوة هو تركيز المواد الصلبة وقتل الميكروبات، ثم يُبرّد اللبن حتى تصل حرارته إلى 42 درجة مئوية.

بعد ذلك، يُضاف "البادئ" – وهو لبن زبادي سابق يحتوي على نوعين من بكتيريا حمض اللاكتيك – بنسبة 2-3% لكل لتر لبن. يُهرس البادئ جيدًا حتى يصبح خاليًا من التكتلات، ويُقلب داخل اللبن لضمان التجانس.

يُعبأ اللبن الملقح في عبوات نظيفة، ثم يُحضّن في درجة حرارة 42 مئوية لمدة 4 إلى 5 ساعات. هذه الحرارة تهيئ الظروف المثالية لنمو البكتيريا النافعة وتخمير سكر اللاكتوز إلى حمض اللاكتيك، ما يمنح الزبادي قوامه ونكهته المميزة.

بعد التجبّن، تُنقل العبوات إلى درجة حرارة الغرفة ثم تُحفظ في الثلاجة.

أخطاء شائعة تفسد الزبادي المنزلي

تتعدد أسباب فشل الزبادي في المنازل، وتتلخص أبرزها في الآتي:

1. استخدام بادئ غير نشط أو قديم
يفقد البادئ فعاليته بمرور الوقت، ما يقلل من عدد البكتيريا الفعالة، وبالتالي يتعطل التجبّن.

2. عدم غلي اللبن
غلي اللبن يقتل البكتيريا الضارة، ويحمي بكتيريا البادئ من المنافسة. تجاهل هذه الخطوة يعرّض المنتج للفشل.

3. وجود مواد حافظة في اللبن
إضافة مواد مثل الفورمالين أو فوق أكسيد الهيدروجين يمنع نشاط البكتيريا النافعة ويؤدي إلى فشل التخمير.

4. رداءة اللبن المستخدم
استخدام ألبان من ماشية مريضة، أو تلك التي تحتوي على مضادات حيوية أو بقايا مبيدات، يعيق تخمّر اللبن.

كيف تتأكد من جودة الزبادي؟

الزبادي الجيد يجب أن يتصف بعدة خصائص، منها:

قوام متماسك وناعم دون فراغات أو فقاعات.

لون موحد خالٍ من الشرش.

طعم متوازن، غير لاذع أو مرّ.

رائحة محببة ودسامة مناسبة.

تعبئة نظيفة وآمنة تمنع التلوث.

العيوب المحتملة وأسبابها

1. قوام ضعيف أو تجبّن بطيء: غالبًا ما يكون سببه عدم التسخين الكافي أو استخدام بادئ ضعيف.

2. نقص الطعم: استخدام لبن منخفض الدسم أو مغشوش.

3. تشريش الزبادي: زيادة الحموضة، أو هزّ الأواني أثناء التجبن.

4. الطعم المرّ: تلوث البادئ أو استخدام أوانٍ بها صدأ.

5. الطعم المطبوخ: ناتج عن التسخين الزائد أو تلوث الأواني.

الزبادي.. غذاء صغير بأثر صحي كبير

يتجاوز الزبادي كونه وجبة خفيفة، ليكون داعمًا حقيقيًا للصحة العامة، إذ يحتوي على "البروبيوتيك"، وهي بكتيريا نافعة تُعيد التوازن الميكروبي في الجهاز الهضمي، وتقلل من مشكلات الإمساك والقولون العصبي، وتساعد على هضم اللاكتوز.

كما تساهم البروبيوتيك في:

تعزيز المناعة: رفع قدرة الجسم على مقاومة العدوى.

تحسين امتصاص المعادن: مثل الكالسيوم والمغنيسيوم والحديد.

الوقاية من الأمراض المزمنة: كارتفاع ضغط الدم والسكري النوع الثاني.

دعم صحة القلب: عبر خفض الكوليسترول الضار.

تحسين الحالة النفسية: بتأثير إيجابي على المزاج والتركيز من خلال "محور الأمعاء – الدماغ".

مستقبل التصنيع المنزلي للزبادي

مع تزايد الوعي الغذائي والاتجاه نحو الأكل النظيف، يبدو أن التصنيع المنزلي للزبادي سيظل خيارًا مستقبليًا ذكيًا للأسر، خاصةً مع ما يحمله من فوائد صحية، واقتصادية، وبيئية.
لكن مفتاح النجاح يكمن في المعرفة الدقيقة، والالتزام بالخطوات العلمية، والحرص على جودة المواد الخام. فالزبادي ليس مجرد منتج سهل التحضير، بل منظومة متكاملة من التوازن الميكروبي، والصحة الوقائية، والتقنية الغذائية.