الأرض
السبت 20 ديسمبر 2025 مـ 12:30 مـ 29 جمادى آخر 1447 هـ
موقع الأرض
رئيس مجلس الإدارةخالد سيفرئيس التحريرمحمود البرغوثيالمدير العاممحمد صبحي

لجنة الشيوخ تناقش أزمة إيجارات أراضي الأوقاف وتأثيرها على المزارعين

ناقشت لجنة الزراعة والري بمجلس الشيوخ، خلال اجتماع موسع برئاسة النائب الدكتور محسن البطران، ملف القيمة الإيجارية لأراضي الأوقاف، في ظل تصاعد شكاوى المزارعين من الزيادات الأخيرة التي تهدد استقرارهم المعيشي واستمرارهم في العملية الإنتاجية، وهو ملف يمس بشكل مباشر الأمن الغذائي المصري وملايين الأسر العاملة بالقطاع الزراعي.

أكد الدكتور محسن البطران أن القطاع الزراعي المصري شهد تحولًا نوعيًا حقيقيًا منذ عام 2014، مدفوعًا بحجم استثمارات تجاوز 87 مليار جنيه، منها 38 مليار جنيه استثمارات عامة، ما انعكس بوضوح على أداء القطاع، ورفع قيمة الصادرات الزراعية إلى 10.6 مليار دولار، إلى جانب مساهمته بنحو 105 مليارات جنيه في الناتج القومي الإجمالي بنسبة تتجاوز 14%.

وأوضح رئيس اللجنة أن الدولة لعبت دورًا محوريًا في هذا التطور من خلال تنفيذ مشروعات قومية كبرى، أسهمت في زيادة الرقعة الزراعية إلى 10.3 مليون فدان حاليًا، مع خطط لإضافة 3.5 مليون فدان جديدة بحلول عام 2027، عبر مشروعات الدلتا الجديدة وغيرها، التي ينفذها جهاز مستقبل مصر للتنمية المستدامة، فضلًا عن التوسع في المزارع السمكية، والإنتاج الحيواني، وتبطين الترع، وتحسين كفاءة نظم الري، ما أدى إلى رفع معدل نمو الإنتاج الزراعي لأكثر من 4% سنويًا.

القيمة الإيجارية لأراضي الأوقاف بين الواقع والتحديات

وأشار البطران إلى أن هذا التحسن في الإنتاج الزراعي يصطدم بتحدٍ رئيسي يتمثل في ارتفاع معدلات الاستهلاك التي تجاوزت 7%، نتيجة الزيادة السكانية وارتفاع متوسط استهلاك الفرد، وهو ما يحافظ على استمرار الفجوة الغذائية، ويجعل التوسع الزراعي ضرورة وطنية لا غنى عنها لتحقيق الاكتفاء الذاتي.

وفي هذا السياق، استعرض رئيس اللجنة أزمة المزارعين المستأجرين لأراضي وزارة الأوقاف، موضحًا أن عددًا كبيرًا من صغار المستأجرين في القرى بمختلف المحافظات تقدموا بشكاوى رسمية عقب الإعلان عن رفع القيمة الإيجارية بنسب كبيرة مقارنة بالعام الماضي، لافتًا إلى أنه تم ربط صرف الأسمدة الشتوية بتوقيع المزارعين على الموافقة على الزيادة الجديدة، ما وضعهم أمام ضغوط اقتصادية حادة.

من جانبه، طالب الدكتور جمال أبو الفتوح، وكيل لجنة الزراعة والري، بإجراء فحص ميداني دقيق للأراضي المؤجرة، يشمل تحديد طبيعة كل حوض زراعي، والمساحات المزروعة، ونوعية المحاصيل، خاصة في ظل تفاوت العرض والطلب، مؤكدًا أن تحديد القيمة الإيجارية العادلة يجب أن يستند إلى السعر السائد والعائد الحقيقي للمحاصيل.

بدوره، حذر الدكتور سعد نصار، الخبير الزراعي، من التداعيات الاقتصادية للزيادات الأخيرة، موضحًا أن القيمة الإيجارية خلال السنوات العشر الماضية كانت متوازنة نسبيًا مع أسعار المنتجات الزراعية، إلا أن الزيادة المفاجئة خلال الفترة 2025/2026، بالتزامن مع ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج من أسمدة وتقاوي ومبيدات والطاقة، خلقت فجوة كبيرة بين تكلفة الزراعة والعائد المتوقع، ما سينعكس سلبًا على دخل المزارعين ومستوى معيشتهم، وقد يدفع البعض إلى الخروج من دائرة الإنتاج.

واتفق أعضاء اللجنة على أهمية تخصيص عام 2026 ليكون عامًا للزراعة والأمن الغذائي، في إطار استراتيجية الدولة المصرية لتعزيز الإنتاج المحلي وتقليل الاعتماد على الاستيراد، مؤكدين أن دعم المزارع هو الركيزة الأساسية لتحقيق هذا الهدف.

وفي ختام الاجتماع، شددت لجنة الزراعة والري على ضرورة مراجعة قرار رفع القيمة الإيجارية للأراضي المؤجرة من الأوقاف، وإعادة تقسيم الزيادة على مدار عامين بما يتناسب مع الأوضاع الاقتصادية الحالية، مع مراعاة البعد الاجتماعي للأسر التي تعتمد كليًا على هذه الأراضي كمصدر رزق وحيد، تجنبًا لتعريض مئات الأسر لمخاطر فقدان دخلها الأساسي.

كما أوصت اللجنة بحضور ممثلي وزارتي الأوقاف والزراعة واستصلاح الأراضي في الاجتماع المقبل، لاستكمال مناقشة الأزمة والوصول إلى حلول متوازنة تحفظ حقوق الدولة وتضمن في الوقت ذاته استدامة النشاط الزراعي وحماية صغار المزارعين.