أزمة نقص العمالة الموسمية تهدد الزراعة المغربية وسط توسع في الإنتاج

في ظل نمو متسارع يشهده القطاع الزراعي المغربي، برزت أزمة جديدة تهدد استمرار هذا الزخم: نقص حاد في العمالة الموسمية.
فرغم بلوغ معدل البطالة المحلي 13.3%، يُكافح المزارعون لتأمين الأيدي العاملة اللازمة للعمليات الأساسية مثل التقليم والحصاد، في وقت تتزايد فيه هجرة العمالة الزراعية إلى أوروبا.
ندرة غير متوقعة في ظل وفرة بشرية
تشير أرقام المندوبية السامية للتخطيط إلى أن معدل النشاط في البلاد لا يتجاوز 43.5%، ورغم ذلك، لا تجد المزارع المغربية من يقطف ثمارها. ففي مختلف مناطق الإنتاج الزراعي، أصبح نقص العمالة يشكل تهديدًا متصاعدًا يتجاوز في خطورته مشكلة شح المياه، بحسب تصريحات عدد من الفاعلين في القطاع.
أزمة هيكلية تُرهق القطاع
يرى عثمان مشبال، نائب المدير العام في مزارع زنيبر، أن الأزمة باتت هيكلية وتمس كل المناطق الزراعية:
"العمالة تُجلب من مناطق تبعد أكثر من 100 كلم بتكلفة مرتفعة، في ظل نسب غياب مرتفعة تعيق العمليات الموسمية الحساسة."
ويُشير إلى أن الندرة تؤثر بشكل مباشر على ربحية القطاعات الزراعية، خصوصًا مع تزايد التركيز على المحاصيل عالية القيمة، التي تتطلب عمالة مكثفة في توقيتات دقيقة.
الفراولة والموالح في قلب العاصفة
من أبرز القطاعات المتضررة زراعة الفراولة، التي شهدت تراجعًا في المساحة المزروعة من 3700 هكتار في 2022 إلى 2300 هكتار في 2025، وفقًا لـأمين بناني، رئيس الجمعية المغربية لمزارعي الفواكه الطرية. ويضيف:
"أي تأخير في الحصاد يؤدي إلى الإفراط في النضج وفقدان الجودة والإنتاج، وقد اضطر العديد من المزارعين إلى تقليص أو التخلي عن زراعة الفراولة بالكامل."
الوضع لا يختلف كثيرًا في قطاع الموالح، حيث أكد طارق كباج، رئيس مجموعة كباج، أن خسائر الحصاد تصل إلى 15% سنويًا بسبب النقص في الأيدي العاملة، محذرًا من أن جذور المشكلة اجتماعية بنيوية يصعب حلها سريعًا.
تغيّر في نمط التوظيف وظهور وسطاء النفوذ
في السابق، كان يُعتمد على شبكات محلية ووسطاء تقليديين يعرفون بـ"العُرَفاء" لتأمين العمالة. أما اليوم، فقد تحول هؤلاء إلى شركات توظيف مؤقتة تتحكم في سوق العمال الموسميين، وتفرض أسعارًا مرتفعة حسب العرض والطلب، مما يخلق تنافسًا غير متوازن بين المزارعين.
ويكشف يونس رزوقي، مدير الموارد البشرية في كباج سوس:
"منذ تطبيق برنامج المساعدة الاجتماعية المباشرة عام 2021، بات العديد من العمال يرفضون التسجيل في صندوق CNSS حتى لا يُحرموا من الدعم الحكومي، وهو ما يُجبرنا على التعاقد مع شركات التوظيف المؤقت."
هذا الواقع يفرض تحديات على التزام المنتجين الزراعيين بالمعايير الدولية، مثل شهادة SMETA، كما يُقلل من مرونة التشغيل، ويزيد من تكلفة الإنتاج الزراعي.