الأرض
السبت 27 يوليو 2024 مـ 07:41 صـ 21 محرّم 1446 هـ
موقع الأرض
رئيس مجلس الإدارةخالد سيفرئيس التحريرمحمود البرغوثيالمدير العاممحمد صبحي

أسامه زردق يكتب : أحب البيطريين ولست منهم

م. أسامة زردق
م. أسامة زردق


رغم أن علاقتي بالنباتات أقوى إلا أن حبي للحيوانات أكبر ودائما أقدر مشقة كل من يعملون لخدمة الكائنات الحية غير الناطقة وأرفع القبعة لمن أبدع في تلك المجالات التي تتطلب فهم من لا يستطيع الكلام.

البيطريون هم شركاء رحلة وزملاء دراسة وجيران مهنة
وفي اليوم العالمي للطب البيطري أرسل لهم تحية إجلال وتقدير في هذا المقال.

خانات الذكريات ممتلئة بالاسهامات البيضاء لهؤلاء العظماء فأتذكر مساعي بيطريين حاولوا إنقاذ حيوانات أحببتها وتعلقت بها، منها: محاولة الدكتور أحمد لمحاولة إنقاذ الكلب حينما مسح بلسانه مبيدا حشريا بالخطأ، وجهود الدكتور عطية لمحاولة علاج الجاموس المصاب بالحمى القلاعية، وسهرة الدكتور وليد مع قطيع أبقار ارتفعت فيه نسبة النفوق، ومجهودات الدكتورة دعاء في رصد ومتابعة حالة الدجاج وقت ارتفاع معدل الإصابات بأنفلونزا الطيور بمنتهى الدقة والشجاعة .. كل هذه المشاهد رأيتها بعيني وتفاعلت معها بقلبي وعرفت من خلالها كم تبلغ عظمة هذه المهنة.

حينما دعيتُ لحضور حفل اليوم العالمي للطبيب البيطري في دار الأوبرا المصرية، والذي نظته نقابة أطباء بيطريين مصر، بقيادة الدكتور مجدي حسن، لبيتُ الدعوة الكريمة، وشاهدت كيف تم تخصيص الحفل فعلا بذكاء وحنكة لتسليط الضوء على العمل المنقِذ للحياة الذي يؤديه الأطباء البيطريون في جميع أنحاء العالم.
جرت العادة على أن يتم اختيار موضوع مختلف كل عام يساعد مالكي الحيوانات على تذكر أهمية الرعاية البيطرية لممتلكاتهم الحيوانية، وكيف يمكن للأطباء البيطريين المساعدة في ضمان تحديث لقاحات تلك الحيوانات وغيرها من متطلبات الرعاية المختلفة، وفي هذا العام اختارت النقابة أن يكون الاحتفال في رحاب المسرح الكبير بدار الأوبرا المصرية بالقاهرة، تحت شعار "صحة مواطن... اقتصاد وطن".

شهد الاحتفال حضورا كبيرا من كافة فئات وطوائف أبناء المهنة العريقة التي تعمل على حمايتنا من نحو 800 مرض مشترك بين الإنسان والحيوان - وفقا لآخر الإحصائيات العلمية المثبة - بحيث يقف البيطريون سدا منيعا أمام انتقال مسببات تلك الأمراض، وهو دور على عظمته، فهو أقل من أدوار أكثر عظمة أستشعرها كإنسان، وكغيري من ملايين البشر، حينما أتناول قطعة لحم أو شربة لبن، أو قطعة جبن آمنة، وخالية من المسببات المرضية، إضافة إلى لحظات الحب والوفاء والحنان التي يقضيها الطبيب البيطري مع حيوان أخرس، ليطبب أمراضه، ويخفف آلامه، ويقيه شرور العدوى بأمراض تنتقل مباشرة إلى الإنسان، سواء بمخالطته، أو تناول منتجاته، ما يبرهن صحة المقولة: "يد البيطري في كل بيت وفي كل معدة كل إنسان".

ولأن كرامة المرأ تنبع من بيته، فلا يخفى على أحد النظرة المتدنية التي عانى منها الطبيب البيطري، ابن تلك المهنة العظيمة، ودون الخوض في تفاصيل مريرة، كان بعض من منتسبي المهنة سببا في هذه المأساة التي عاشها البيطريون لعقود طويلة.

وأخيرا، من الله على البيطريين بنقيب يدرك جيدا أهمية استعادة المهنة هيبتها، ويعرف جيدا كيف يضع أسمها بين نقابات المهن الطبية الأخرى (بشري، صيدلة، وأسنان)، وكان من نتاج برنامجه لبلوغ الهدف، هذا الحفل الأسطوري الذي نظمته النقابة في قبلة التنوير ومنارة الثقافة والفنون "دار الأوبرا المصرية"، تلك الدار التي تبوأ مقاعدها الكبار من عمالقة الفن والسياسة ونجوم الشباك وسيدات المجتمع الفضليات.

وها قد احتضنت دار الأوبرا لأول مرة في التاريخ حفل لنقابة البيطريين، ليشهد الجميع أن البيطريين أصبح لهم نقابة كبرى تسعى سعيا حثيثا لرفعة أبنائها وإعلاء قيمتهم ليكونوا بين الكبار ويجبروا المجتمع على تغيير وجهة النظر المغلوطة عنهم ومن ثم تفتح لهم آفاقا جديدة.