الجمعة 29 مارس 2024 مـ 07:24 صـ 19 رمضان 1445 هـ
موقع الأرض
رئيس مجلس الإدارةخالد سيفرئيس التحريرمحمود البرغوثيالمدير العاممحمد صبحي

خيرات مصر .. سلع لا تُخَزَّن


مصر متفوقة إنتاجيا في مجال الحاصلات الزراعية والغذائية (نباتي وحيواني)، لكن تظل مشكلتها الأزلية في نقص لوجستيات التخزين.

مصر تنتج طلعة كل صباح نحو 35 مليون بيضة، ونظرا للحروب السلبية لترويج معلومات مضللة حول البيض، تنخفض متوسطات استهلاكه لدى المصريين عن المعدلات الطبيعية الصحية، وبالتالي يزيد العرض على الطلب معظم فترات السنة، ما يخلق الحاجة الطبيعية لمصانع بسترة وتجفيف، ولو لنسبة 30٪ التي توجه لمشاريع المخبوزات وقطاع الحلويات، وفي ذلك نوع من التخزين الآمن الذي يحفظ القيمة ويعظمها.

مصر تُنتِج البصل بما يزيد على احتياجاتها الاستهلاكية بنحو مليون طن سنويا، ومع تصدير نحو 450 ألف طن سنويا بصل جاف، وليس مجففا، يظل الهدر حاكما لتدهور اقتصاديات زراعة المحصول التصديري الاستراتيجي الرابع، والحل يكمن في التوسع الصناعي أيضا بالتجفيف والسحق (بودر)، وهو نوع من الخزين الآمن، حيث لم تزد صادرات مصر منه على 20 ألف طن سنويا.

مصر تنتج سنويا ما يزيد على استهلاكها من الموالح بأكثر من 3 ملايين طن، نصدر منها في أعلى المواسم رواجا، ما يقل عن 1.5 مليون طن، لتظهر الفرزة والفوائض بمظهر غير لائق على أقفاص وعربات البائعين الجائلين في شوارع الريف والحضر، وهو إجراء يبخس قيمة المحصول التصديري الأول، والحل ماثل لخبراء الاقتصاد الزراعي، وهو تحويل الفائض إلى مركزات، سائلة ومجففة (بودر).

مزارعو مصر يتبعون سياسة "أثر القطيع" في زراعة الطماطم والبطاطس، والنتيجة تدهور أسعارها لما دون تكاليف الإنتاج، في حالة الإنتاج الغزير وتراجع الطلب محليا وعالميا (التصدير)، أو شح إنتاجي بسبب تحديات مناخية أو عيوب فنية في التقاوي والبذور، وبالتالي جنون أسعارها، دون تحقيق مكاسب للمنتجين، والحل أيضا في التصنيع (تجفيف الطماطم، وصناعة الصلصة، والتوسع في تصنيع البطاطس بكل درجاتها).

النتيجة العامة: أننا نُنتِج بجودة عالية، وبكميات قياسية من وحدة الأرض والماء والمال والعلم، لكننا لا نجيد حصد القيمة المضافة من الفوائض والهدر المقدّر بحثيا وحقليا وواقعيا بنحو 30٪ من إنتاجنا الزراعي، في الوقت الذي نستورد فيه أغذية بنحو 160 مليار جنيه سنويا.

كل خبراء الاقتصاد والتنمية في مصر يعرفون جيدا أن بند "القيمة المضافة" لأي وحدة إنتاجية، هو البند الوحيد الذي تبلغ تكلفته "صفرا"، ولذلك تظل مصر في حاجة دائمة إلى تعظيم هذا البند، وهو لا يمكن الإمساك به أو تجسيده إلا بالاستثمار القائم على الصناعات التحويلية للحاصلات الزراعية والغذائية، وهو المحور الأهم حاليا من التوسع الأفقي في زراعة مساحات جديدة من أراضي الصحراء.

وفي الظروف العالمية الراهنة، تتوافر الفرص الإجبارية لاختبار قدرة الدول على تفعيل إدارة الأزمات، ولا يخفى على أحد أن الأزمة الأكبر حاليا تتجسد في توفير مدخلات صناعة الغذاء بالإمكانات الذاتية المتاحة، وإمكاناتنا المتاحة جيدة، شرط استثمارها الاستثمار الأمثل، ومن ذلك: توفير مجففات لمحصول الذرة في الدلتا، وزيادة عدد الصوامع المعدنية العملاقة لاستيعاب أكبر قدر ممكن من محصول مجموعة الحبوب الأساسية