الجمعة 29 مارس 2024 مـ 07:35 صـ 19 رمضان 1445 هـ
موقع الأرض
رئيس مجلس الإدارةخالد سيفرئيس التحريرمحمود البرغوثيالمدير العاممحمد صبحي

كارثة الدايت الثعباني.

انتشرت في الآونة الأخيرة أنظمة غذائية كثيرة لنزول الوزن لا تستند على دليل علمي واحد مؤكد، كلها نظريات ابتدعها أشخاص لا علاقة لهم بالطب ولا بعلم التغذية، ولا هم خاضعون لهيئات البحث العلمي.

 

ويعد الدايت الثعباني أحد هذه البدع، وهو إسم على مسمى.

 

ابتدع هذا النظام "كول روبنسون"، وهو مدرب لياقة بدنية ومدرب الصيام كما أسمى نفسه.

 

ويريد روبنسون أن يصوم الإنسان صوم الثعبان لفترات تتراوح ما بين 24 إلى 96 ساعة ليتناول بعدها وجبة واحدة فقط غير محددة، تكون قليلة الكربوهيدرات وكثيرة الدهون في فترة زمنية تتراوح من 1 إلى 2 ساعة ليبدأ بعدها صياماً جديداً.

 

ويتناول الصائم في دايت الثعبان هذا مشروب الأفعى "الإلكتروليت" خلال فترة الصيام، وهو عبارة عن خليط من الماء، ملح البحر، كلوريد الصوديوم وأملاح الكبريتات.

ويدعي روبنسون أن هذا النظام يخلص الكبد من السموم ويساعد في خسارة الجسم للكثير من الكيلوجرامات، مستشهداً بحياة الإنسان البدائي، ودون استنادٍ إلى أي تفسير علمي، مما أثار الكثير من الجدل والنقد من قبل العلماء.

 

ولابد للصائم من أن يتجاهل إشارات الجوع ويتعامل مع الطعام على أنه ضار بصحته حتى وإن كان صحياً، مما يعرضه لأضرار حقيقية خطيرة تفتك بجسده وبنفسه.

 

والحقيقة أن هذه القسوة في التعامل مع الجسد وإهمال احتياجاته وتجاهل نداءات المخ وإشارات الجوع هي ما تؤدي إلى خلل في هرمونات الجوع والشبع وخلل نفسي مما يتسبب في أمراض اضطرابات الطعام.

 

هذا فضلاً عن حرمان الجسم من احتياجاته الضرورية من الفيتامينات والمعادن ومضادات الأكسدة، الأمر الذي يتسبب في سوء التغذية وضعف المناعة والإصابة بالأمراض.

 

ومن المدهش أن الجسد، تلك المعجزة المتحركة على الأرض لديه من آليات الدفاع الذاتية ما يجعله يستشعر خطر المجاعة من جراء اتباع هذه الحميات القاسية المتسمة بالحرمان، مما يجعله بعد نزول عدد من الكيلوجرامات يخزن الكثير من تلك الوجبة الوحيدة التي لا تسمن ولا تشبع من جوع في صورة دهون، فيتوقف الحرق ونزول الوزن.

 

وبطبيعة الحال، لا يستطيع الإنسان مهما كانت إرادته الاستمرارية على نظام سيماته الأساسية هي المنع والحرمان، خاصة أن كل ما يُمْنع يزيد الرغبة فيه.

 

ومن خلال عملي في مجال التغذية، فإن هناك الكثيرون الذين استردوا أوزانهم المفقودة بمقدار الضعف بمجرد رجوعهم إلى نمط الحياة الطبيعي، ليس هذا فقط، بل عادوا بنهم لتناول الطعام وضعف إرادة وشعور باليأس أكثر من السابق قبل خضوعهم بإرادتهم لهذه الأنظمة التي لا تصلح لأن تكون أسلوباً للحياة.

 

والذي لا يعلمه الكثيرون أن حرمان الجسم من مغذياته الأساسية يعرضه إلى نقصٍ شديد في الفيتامينات والمعادن الهامة لوظائف الجسم وخاصة تلك المتعلقة بالتفاعلات الأيضية والتعامل مع الطعام وآلية الحرق.

 

وعلى سبيل المثال فإن النقص في الحديد والكالسيوم وفيتامين د يتسبب في إيقاف الحرق.

 

هذا فضلاً عن عدم خضوع الوجبة الواحدة لضوابط الإختيارات الصحية، مما يجعل متبعيها يتناولون الوجبات الضارة مثل الوجبات السريعة الغنية بالدهون المهدرجة، وبكميات كبيرة، مع أنواع أخرى من الطعام والتي غالباً ما تتداخل مع بعضها البعض، ظناً منهم بأنه لا ضرر على الجسد إذا تحمل عبئاً ثقيلاً من أنواع مختلفة من الطعام في وقتٍ قصير، غير مراعيين لزيادة الأحمال على أجهزته الحساسة، مما يعرضها للإجهاد والاستنفاذ المبكر.

 

وإن كان نظام الصيام لفترات طويلة بشكل دائم هو الأصلح للصحة، فلماذا لم يشرعه الله لنا في مختلف الأديان طول السنة.

 

ومما سبق فإن النظام الغذائي المتوازن الذي يوفر للجسم جميع احتياجاته من العناصر الغذائية اللازمة لقيامه بوظائفه بشكلٍ جيد هو النظام الأمثل له، على أن تكون اختيارات الطعام صحية وبطرق تجهيز وطهي صحية أيضاً، مع الحرص على تناول من 2-3 لتر من الماء موزعين على مدار اليوم وزيادة النشاط البدني وممارسة الرياضة وتجنب السهر والاقلال من المكوث على أجهزة الموبايل وعودة العلاقات الإنسانية السليمة.

 

وهذه هي روشتة الصحة الجسدية والنفسية والعقلية التي لا تحتاج إلى بدع أو خزعبلات دخيلة علينا.

 

استشارية طب الأطفال والتغذية العلاجية.